مما لا شك فيه بأن الإسلام السياسي وشبحه يعيش في سماء المنطقة العربية.. فمن خلال الإنقسام المجتمعي, نرى الوجود الفعلي للأفكار المتشددة. يُغذي شعوبها الإحساس بالقهر فتستسيغ التّلحُف بإحساس الضحية.. الإحساس بأطماع الغرب وإستراتيجيته الواضحه في الحفاظ على مصالحة يغذي هذه الشريحة.. وكثير منها يغض النظر عن أطماع دول الجوار الإسلامية.. ما بين الحلم بإحياء الخلافة بشكل ما والذي بدا واضحا , ويتلحف بالأيدولوجية المشتركة, وبالتحديد المذهب السني. ليخفي تحتها مصالحة الإستراتيجية في التوسع والهيمنة على ثروات المنطقة.. تركيا حسمت أمرها فهي تعتبر البحر المتوسط جزء من سيادتها.. أيام زعامتها للعالم الإسلامي. وأنها قادرة على تجديد الخطاب الديني في المنطقة.. وصل مقاتلوها إلى ليبيا. بل والحق يُقال , هم مقاتلون سوريون ربما إبتزت وجودهم على أراضيها. وربما بائسون يبحثون عن لقمة عيش؟ في كل الأحوال هم كبش فداء تركيا االذين قد يكونوا الضحايا الثلاثة الأوائل ؟؟؟ الأطماع التركية ترتكز على.. الإسلام السياسي للصعود والوقوف في مصاف الدول الكبرى.. والهيمنة على شعوب المنطقة تحت مبرر حلم الخلافة لحل كل مشاكل المسلمين.. توسيع هيمنتها الإقتصادية في دول المنطقة لتأخذ مكان العملاق الصيني .. خاصة بعد أزمتها الإقتصادية الكبيرة التي نتجت بعد تحدّيها للإدارة الأميركية.. ولكن يبقى الدافع المهم ..الإنتقام من أوروبا لرفض عضويتها في الإتحاد الأوروبي وتهديدها لها من خلال ورقة المهاجرين من أراضيها وعبر الأراضي الليبية لأوروبا.. وإبتزاز الدول الأوروبيه بالخوف (فرنسا وإيطاليا وألمانيا ) من إنقطاع تدفق البترول الليبي.

ولكن تبقى نقطة القوة التي تحملها خلافا عن إيران هي وجود القاعدة الأميركية المزودة ب 50 قنبله نووية تؤكد ثقة الغرب في التعامل معها بغض النظر عن الخلافات.. الثقة التي تفتقدها إيران كليا ؟؟؟

أما التوسع الإيراني الذي نشهدة فالأهداف تتنوع ما بين الإنتقام من العرب البرابرة الذين قضوا على حضارتها الفارسية في معركة ذي قار .. وبالتالي العمل على نشر المذهب الشيعي في الدول العربية ؟؟ الهيمنة على ثروات المنطقة.. والإنتقام من الغرب الكافر بما فيه أميركا بالتحديد.. والوصول بإسلامها السياسي إلى عضوية مجلس الأمن فهدف إيران الأكبر يبقى في وقوفها بمساواة الدول الكبرى .

نعم العوامل المشتركة بين الأطاع التركية والإيرانية...

تبنيهما الكامل لآيدلوجية الإسلام السياسي..

إتباطهما الوثيق بجماعات الإخوان المسلمون في كل أرجاء العالم وبخاصة في الدول الأوروربية

التوحد في الأهداف السياسية والإقتصادية في المنطقة.

ولكن وعلى وقع الأحداث الأخيرة يبقى السؤال الأهم حاليا. هل قضت إيران على كل أحلامها حين تحدت القوة العسكرية الكبرى في العالم حين تجرأت على قتل المواطن الأميركي في كردستان العراق ؟؟؟ وخططت ودبرت لمحاصرة وحرق السفارة الأميركية في بغداد ؟؟؟؟

من ثم.. هل كان الإنتقام الأميركي في قتل أهم عسكري إيراني ( الجنرال قاسم سليماني ) القشة التي قضمت ظهر البعير ؟؟؟ الجنرال الذي عمل مع خامئني منذ بداية وصولة للرئاسة على صياغة مشروع تصدير الثورة الإيرانية إلى البلدان الإسلامية والتي نجحت في وضع العراق وسوريا واليمن وغزة ولبنان تحت الإدارة الإيرانية.. مما زعزع الإستقرار في المنطقة العربية برمتها...

ثم هل الدولة الدينية التي أسس لها وعملت على تصدير افكارها خلال الخمسين سنة السابقة والتي ثبت فشلها على الصعيدين المحلي والدولي هي المستقبل الذي تطمح إليه شعوب المنطقة ؟؟؟؟

فعلى الصعيد الداخلي ثبت للشعب الإيراني بما لا يدع مجالا للشك بأن عدم قدرة نظامة على إدارة الإقتصاد هي التي أنتجت الفقر.. وأن العقوبات الإقتصادية ما هي إلا نتيجة عبثه مع المجتمع الدولي في موضوع القوة النووية ؟؟ والتدخل في شئون الدول المجاورة.. المعارضة الإيرانية تثبت يوما بعد يوم إنهيار الإقتصاد ومطالبة الشعب الإيراني بسقوط النظام.. ومسائلته عن وجوده في سوريا ودفع فواتير حزب الله في لبنان.. والحوثيون في اليمن.. وحماس في غزة ؟؟؟ بينما يُقاسي الشعب الإيراني الفقر والحرمان وإنعدام الحريات ؟؟؟؟ وأن أزمات الوقود.. والأزمات الإقتصادية ليس نتيجة العقوبات فقط بل هي نتيجة التراكم في الفساد وعدم قدرة النظام على الإدارة...

ومن يدري فقد تُقنع عملية الصواريخ التي لم تصيب جنديا أميركيا واحدا... ما تبقى من مؤيديه بأنها لم تكن إلا مسرحية مُدبّرة ليخفي عجزه عن مواجهة أميركا .. بينما يستمر النظام في المكابرة..

الأهم الآن أن النظام الإيراني قضى على كل شرعية له.. وصعّد الخوف المحلي والعالمي حين ضرب وإن كان بالخطأ الطائرة الأوكرانية ؟

ولكن هل سقوط النظام الإيراني سيعمل لصالح أطماع وأحلام تركيا ؟؟؟؟ هل التشارك في الأيدلوجية مع تركيا قادرة على تغييب العقل العربي تحت مقولة الإسلام هو الحل للحماية من الأطماع الغربية ؟؟؟ هل إستعمار إسلامي كما حدث في الماضي هو البديل الأفضل من الأنظمة مهما كانت نسبة قمع هذه الحكومات لشعوبها ؟؟

نعم وبمنتهى الصدق أنا ضد الدولة الدينية..وضد أي شكل من أشكال الإستعمار والهيمنة.. وأتخوف على الإنسان العربي. وأتخوف من نتيجة هذه البراكين على المنطقة العربية.. ولا أُدافع عن أي من أنظمة المنطقة خاصة وهي ترفض الإصلاحات.. ولكني أؤمن بأن الطريق الوحيد لحماية المنطقة العربية من كل الأطماع هي الديمقراطية التي تضمن العدالة والمساواة وتبقى أفضل الحلول لحماية ملوك ورؤساء المنطقة كلها إن أرادوا الإستمرار....