من يقدم مصلحة شعبة وأمنه وإستقراره في حمأة المزايدات وتغليب مصلحة الجوار الطائفي هو من يستحق النظر اليه بإحترام والوثوق بجانبه والعمل على تقوية اواصر الشراكة السياسية والامنية والإقتصادية معه وخلق فرص الحلول وعدم تضييق المسالك المؤدية اليه في جميع الازمات التي تلحق بتلك العلاقة التي أن عمل الشركاء على تمتينها معه فانها بلا مؤاربة ستنتج عامل إستقرار في منطقتنا الموبوءة بالحروب والمناكفات السياسية والمزايدات وشراء الذمم والنفاق البيني بين رفاق الدرب جمعتهم الاهداف وفرقتهم المحاصصة.
الكرد في إقليم كردستان اعلنوها بلا مجاملة او خوف او تورية أنهم ليسوا مع خروج القوات الإجنبية والامريكية على وجه التحديد من العراق لانها لا تخدم المصلحة العراقية في الوقت الراهن وأن العلاقة مع الجانب الامريكي لا تقتصر على الجانب العسكري بل هي علاقة مثمرة ونتج عنها من فائدة إبان الحرب على تنظيم داعش وفق المعطيات المثلى كدولة حليفة وصديقة بمساعدة العراق ضد هجوم بربري لداعش من سلالة القرون الوسطى كذلك أوفت بإلتزاماتها في إطار الإتفاقية الستراتيجية مع بغداد بالدفاع عن العراق الى جانب قوات التحالف وتقديم العون والدعم اللوجستي والإستختباري للعراقيين وقنصها بالطيران لأبرز واهم قيادات تنظيم داعش امثال ابو بكر البغدادي وابو مصعب الزرقاوي وآخرين من كبار داعش.
رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان البارزاني، أكد أخيرا أن هناك خطرا في حال اختار العراق سلوك الطريق الخطأ، مشددا على جميع الشركاء العراقيين بضرورة العمل معا على إعادة الاستقرار والأمان والرفاهية لشعب العراق، موضحا الرغبة الملحة بعدم تحول العراق ومنه الإقليم إلى ساحة حرب لحل الخلافات وحسم المواجهات، فيما قال إن الأوان آن لإتخاذ خطوات لمساعدة العراق من قبل جيرانه وأصدقائه في المجتمع الدولي، محذرا من عودة تنظيم داعش في حال انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، بالقول " نحن نعتقد أن الحرب ضد الإرهاب لم تنته في الإقليم وعموم البلاد وكما كانت الحال فيما مضى بحاجة إلى مساعدة قوات التحالف الدولي.
التيار الراديكالي الشيعي داخل مجلس النواب والعملية السياسية "جناح إيران" يضغطون بشكل مستمر على طرد القوات الامريكية من العراق بعد ان نجحوا بتمرير قرار سحب القوات الاجنبية من العراق برلمانيا ودعوة عبد المهدي رسميا بسحبها من العراق وهو ما عارضه الكرد والسنة من خلال انسحابهم من جلسة التصويت إبتداء وعبر قنواتهم السياسية يرفضون سحب القوات الأمريكية وبقية القوات العاملة في العراق ومنه إقليم كردستان في حين قال الناطق العسكري باسم عبد المهدي اللواء عبد الكريم خلف إن الإنسحاب يشمل إقليم كردستان ايضا وهنا تبرز مشكلة جديدة داخلية في البلاد جراء فرض حالة الإنسحاب على الإقليم الى جانب ضغوطات بإتجاه عدم سحب القوات من بينها تهديد ترامب بالإستيلاء على مبلغ 35 مليار تعود لإصول عراقية في البنوك الامريكية او دفع مبالغ بناء قاعدة عين الاسد التي بنتها واشنطن.
مخاف كبيرة على المستوى الوطني تعبر عن مدى رفضها المعلن من ترك العراق فريسة لساسة إيران وتركيا وجعله الحديقة الخلفية لتصفية حساباتها مع أعدائها التقليديين على الساحة العراقية وهي وتيرة تتصاعد وتنمو بنمو التحالفات في المنطقة وتجسد ذلك جليا في الضربات الاخيرة في محيط مطار بغداد وقتل الجنرال سليماني رجل طهران في العراق وسوريا ولبنان واليمن ورد طهران الصاروخي على قاعدتي عين الاسد غربي الانبار وحرير في اربيل مما يعني بالنتيجة أن العراق واقع تحت مظلة طهران واشنطن في خانة الصراع على النفوذ والسيطرة ومناطق النفوذ السياسي، ولدواع أغلبها مخاوف امنية وعدم الرغبة بترك العراق الى ايران تتحكم به كيفما تشاء كاحجار الشطرنج تحرك وتوقف وتزيل " كش ملك " مما يستدعي حوارا وطنيا جادا لبحث مخرجات الحالة الوطنية من الورطة التي هي فيها والعمل على تهدئة اوضاع الشارع الملتهب بالتظاهرات وتصعيد غليان فاتورة المطالب والدعوة الملحة الى حسم الخيارات باقرب وقت ممكن من قبل السلطات الثلاث تتقدمها الإنتخابات المبكرة وحكومة جديدة.
أن رغبة الكرد في إقليم كردستان والسنة غربي البلاد تنبعث من منطلقات مهمة يجب التدقيق فيها وإعطائها اهمية بالغة لكونها عبرت اشواطا من الازمات مع بغداد " السلطة " ولم تكن وليدة الاحداث الاخيرة بدأ بالمناطق المستعادة " المستقطعة " ومطالبة الكرد في مقدمتها كركوك الغنية بالنفط بها وإنتهاء بالمطالب السنية بضرورة الشراكة الحقيقية والتوازن والتمثيل وعدم تغييب مكونهم في زحمة الكتل الكبيرة والتحالفات بإسم الاغلبية ودون النظر اليهم على انهم كانوا حاكمين في السابق " ماننطيها " وأن اغلب رجالاتهم كانوا من اعضاء حزب البعث المنحل تكللت بحصار المناطق الغربية سياسيا ونصب خيام المعتصمين والقتال ضد تنظيم داعش وخلط الحابل بالنابل وتجييش الطائفية لولا حسمها عسكريا وامنيا بمساعدة الجانب الامريكي على الاقل وفتوة مرجعية النجف برغم بقايا عناصر التنظيم من خلال خلاياه والعاملين في فلكه في العلن من ساسة وما لف لفهم من قيادات الفنادق يطلق عليهم جدلا دواعش السياسة لرغبتهم بإدامة امد التناحر والعناد والمماطلة ودون الرضوخ للحلول الوسط والتورية في بعض المسائل العالقة .
وفي الوقت الذي صوت فيه مجلس النواب الأحد 5 كانون الثاني 2020 في جلسة استثنائية على قرار يلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، وتضمين القرار فقرات عدة أبرزها إلزام الحكومة بإلغاء طلب المساعدة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد "داعش"، بعد انتهاء العمليات العسكرية والحربية، والعمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية، كما طالب البرلمان الحكومة بالتوجه لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ضد أميركا بسبب ارتكابها خروقات للسيادة العراقية، فضلا عن قيام الحكومة بالتحقيق في عمليات القصف الأخيرة التي حدثت في العراق وإعلام مجلس النواب بالنتائج يفسر على انه مخطط دبر في الليل ثارا لإيران والإطاحة بالشركاء السياسيين ممن لم يتحركوا على ضوء قاعدة " الشيعة " في البرلمان والعملية السياسية وبالتالي يجب أن يعاقبوا على موقفهم بمخرجات سياسية تخضع مواد الدستور لمزاجيتهم ولونهم المذهبي.
جلسة البرلمان الطارئة لمناقشة الهجوم الأميركي في بغداد، والذي أسفر عن مقتل قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ومعاون قائد "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، فضلا عن ضباط وعناصر من الحرس الثوري و"الحشد". جاءت بغلواء ودفع وتوجيه من جماعات لم تكن تخفي ولائها لإيران دون التفكير بعواقب ماذا سيحدث بعد سحب تلك القوات وما سوف يتغير على ضوء الإنسحاب تاليا.

غاب النواب الكرد عن جلسة التصويت، كما قاطع البرلمانيون "السنة" جلسة مجلس النواب، باستثناء ثلاثة أعضاء بالمجلس هم الأمين العام لـ"الحزب الإسلامي العراقي" رشيد العزاوي، والقيادي في "المشروع الوطني العراقي" أحمد الجربا، والنائب صفاء الغانم ووضع رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، أثناء حضوره، توصيتين أمام البرلمان، طالبت الأولى بإنهاء وجود القوات الأميركية على الأراضي العراقية بإجراءات عاجلة ووضع الترتيبات لذلك، أما الثانية فتضمنت الدعوة إلى العودة إلى مسودة قرار كانت مطروحة أمام البرلمان، ونصت على أن وجود أية قوات أجنبية يجب أن يكون منحصرا على تدريب القوات العراقية، ومساعدة العراق في تعقب خلايا "داعش" تحت إشراف وموافقة الحكومة العراقية، لافتا إلى أنه يوصي من موقعه كرئيس للوزراء وقائد عام للقوات المسلحة، بالذهاب إلى الخيار الأول "لأنه الأفضل للعراق مبدئيا وعمليا.
عمليا ووفق المعطيات الداخلية للعراق من الصعب خيار ذهاب اللجوء الى التصعيد بشأن طرد القوات الامريكية من العراق والإنسياق خلف خطاب الكراهية للقوات الامريكية مهما كان عملها وتوجهها مع دول الجوار مادامت تلتزم بالتعهدات مع العراق وبالمواثيق والإتفاقات الستراتيجية المبرمة بخلافه فأن هناك قنوات يمكن البحث معها بشأن الخروقات والأسباب التي تؤدي لذلك في البلاد عبر القنوات الدولية ووضع حد لتصرفاتها في بعض المواقف حيث ماتزال المصلحة العراقية قائمة بضرورة تعاون العراق مع القوات الاجنبية فهناك ضعف واضح في الملف الامني في البلاد وتظاهرات مطلبية وتعدي حدودي بين الحين والآخر لدول الجوار مما يستوجب وقفة تأمل كي لا تجنح بنا القرارات غير الصابة الى الهاوية ونخسر حلفائنا واصدقائنا.