ترى ما السر في تصرف رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي بطريقة توحي بأنه مطمئن على ان أمر تكليفه قد حسم ، وأن إدارة الدولة التنفيذية شبه محسومة بين يدية ، في حين تفرض أربعة سيناريوهات نفسها على واقع تكليف الزرفي الى جانب قوى لها ثقلها السياسي ترفض بقوة تكليفه وتصفه بخرق للدستور، فيما وصل الأمر الى إتهام رئيس الجمهورية برهم صالح بذلك الخرق، السيناريوهات الأربعة برأي محللين سياسيين وصناع قرار متوقعة فيما لو بقي التعنت والإصرار بدواعي تطبيق الدستور وبضرورة خروج المكلف برئاسة الوزراء الإ من خلال الكتلة الأكبر وغيرها من مخرجات القوى السياسية القابضة على السلطة النابتة على حالها دون حراك في التغيير ونوع الأساليب وإستثمار الفرص لصالح العراق وشعبه وهي التالي :

الأول / تمرير حكومة الزرفي

الثاني / الإبقاء على حكومة عبد المهدي ، حتى نهاية العام الحالي

الثالث / حكومة طوارئ مؤقتة مدعومة

الرابع / الإنقلاب العسكري وحكم المجلس الإنتقالي

الزرفي برغم علمه برفض القوى السياسية له وأن قضية تكليفة محفوفة بالمخاطر الجمة يصر على الدفع بإتجاه القبول به رغما عن منافسيه والكارهين لوصوله الى دست رئاسة الوزراء ، ولعل الزرفي أكتسب خبرة ممن سبقه للفوز بالتكليف والنجاح بتشكيل حكومته وإرغام منافسيه على القبول به على مضض رغم خوفهم بحسب المعطيات من شخصيته التي توصف بالقوية ، ومثل لقائه يوم السبت 28 آذار 2020 أبرز ملامح القوة الذي أكد الزرفي فيه لسفراء الإتحاد الأوربي أن أولى أولوياته تلبية مطالب الحراك الشعبي وتشكيل حكومته، وبإجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة والتصدي للانهيار المالي وللإقتصادي المحتمل، والعمل على خفض مستوى الفقر في البلاد واستعادة السلم الأهلي وبسط سلطة القانون ، هكذا لقاءات لم يعهدها مكلف برئاسة الحكومة وعلى هذا المستوى منذ 2003 تخبر بقراءات مستقبلية تؤشر أن الزرفي قادر على تحمل المسؤولية بلا دعم مرجعي وقوى كبيرة سياسية تحميه لما له من قوة شخصية وإدارية كونه محافظا سابقا ورئيس كتلة النصر النيابية بزعامة حيدر العبادي ، بالاضافة الى تاريخه سجينا سياسيا عضوا في حزب الدعوة إبان المعارضة للنظام السابق محكوم عليه بالإعدام ، وكما شخصنا أن الزرفي شخصية جدلية وقوية وبإمكانه تمرير حكومته ، سوف لن يكتفي بذلك الرهان مع منافسيه، بل ربما وهي قراءة سياسية مستقبلة مسبقة بان يلجأ الزرفي الى زيادة حظوظه التي تتناسب عكسيا مع المغريات التي يقدمها للكتل والنواب في المرحلة الحالية فيما لو وصل الى رئاسة الوزراء وهي رئاسة بلا شك سوف تكون مختلفة عما سبقه بكل المعطيات والتحولات والمواقف والستراتيجيات.

لماذا يحسب للزرفي الحساب ..؟

الكتل الشيعية أول المعترضين والرافضين للزرفي ..!!

القوى الشيعية تتحجج بان عدنان الزرفي لم يحضى بإجماع وطني ولم تقل بإجماع شيعي وهو أول مطب سياسي تقع فيه الكتل الشيعية بتكليف الزرفي سياسيا ، ناهيك عن إتهامها له بان تكليفه خرق للمادة 76 من الدستور العراقي، ونتساءل أين كانت هذه المادة ممن سبقوه بالهرولة الى رئاسة الوزراء ولو بمواد أخرى على سبيل المثال بنفس الإتجاه خرقت ولم نسمع عن الكتل الشيعية خاصة نقدها والتمسك بها مثلما يحصل مع الزرفي ؟.

السيناريوهات الأربعة بكل الأحوال مجرد فرضيات ربما تحدث أو لاتحدث وتظل مرهونة بتقلبات الطقس السياسي العراقي لكنها قائمة وتتنامى فيما لو تم الضغط والتشنج السياسية وإستمر على وتيرة من القلق في أن يكون ولا يكون وجدل الحوارات غير المنتجة والإتهامات بين أطراف العملية السياسية بمواد الدستور دون معرفتها من قبل الغالبية طبعا بمجرد فهمها على إنها مواد دستورية صيغت لهذا الغرض أو ذاك متناسين أو ناسين أن هناك تفسيرات من قبل المشرع العراقي كمجلس القضاء الاعلى والمحكمة الإتحادية في حال إستجد شيىء ما يتعلق بنص المادة بشروطها وآليات العمل بها ومخرجاتها القانونية والدستورية وفق المصلحة الوطنية .

على المستوى الشخصي ليست لدي أدنى قناعة بشجاعة البعض من النواب التابعين للكتل السياسية بأنهم سيتمردون على رؤساء كتلهم بحسب ما يدور في أروقة مجلس النواب العراقي أخيرا كونهم تابعين لا يتحدثون إلا بأمرة رئيس الكتلة بأدلة كثيرة ، ووفق ما شاهدته بنفسي أنا كاتب المقال في مقابلة تلفزيونية وعلى الهواء مباشرة للقيادي سابقا في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي باقر جبر صولاغ الزبيدي قبل عدة سنوات عندما سؤل عن الرأي والنواب والكتل وصياغة القرار قال ما معناه " الي يشيل راسه نكفخه " وهي إشارة باللهجة العراقية الى من يتنفس أو يرفعه صوته أعلى من أصوات وإرادة النافذين والصقور في العملية السياسية وخاصة " الدائرة الشيعية " تحديدا وأن الإختيار يتم وفق التحاصص وتقاسم المغانم .

سينجح الزرفي بإعطاء التطمينات للكرد والسنة في ظل فشل المكون الشيعي بالإتفاق عليه وتمريره وبإمكانهم تمريره في البرلمان لوحدهم وهو ما يعمل على تحقيقه كما نلاحظ من زيارات وتبادل لقاءات في الفلوجة يوما مع رئيس البرلمان السني محمد الحلبوسي وفريقه الذي اسقط محمد توفيق علاوي او ما ينوي لقاء الكرد في إقليم كردستان العراق والإستفادة من مجريات ما سبقه من تكليف مع الكرد والسنة وكيف إنتهت قصة إعتذاره لرئيس الجمهورية ،برغم موقف الزرفي الأخير الذي ربما اغضب الكرد والسنة ضمنا بشأن البقاء على الحشد الشعبي مؤسسة رصينة ولا يمكن حلها أو تجميدها الإ بقرار مرجعي كونها تأسست وفق رؤية المرجعية ، ولا شك أن الزرفي مدرك لما يقول ويدرك معها اللاءات الكردية والسنية بوجه أي مكلف قبل الإتفاق عليه والتصويت بتمريره الى رئاسة الوزراء وهي معروفة وغير خافية برغم الملفات الكبيرة على المستوى الوطني التي بحثها مع سفراء الإتحاد الأوربي المعتمدين في العراق مثلا بأن من أولى أولوياته تلبية مطالب الحراك الشعبي والقضاء على الفقر وأسعار النفط في ظل تدهورها والعمل على مكافحة كورونا بكل السبل ومراعاة الوضع العراقي إقليميا ودوليا لتحقيق أسمى العلاقات الوطنية العراقية مع المحيطات السياسية الأخرى .

سائرون ضمنا تريد تمرير الزرفي بأقل الخسائر الممكنة مع الحلفاء مثل تحالف الفتح ، لكنهما مختلفان في وجهة نظر تقضي ، هل أن الزرفي سيفي بمقتضيات التكليف بشروطهما ، وهل أن الزرفي خال الوفاض من واشنطن في وقت ليست لديهما مشكلة مع طهران وهو ماترفضه واشنطن؟، فيما يتخوف القانون وتحالف الفياض من مستقبل الزرفي من الإطاحة بهم بتقييد حركة الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة وتحديد نفوذ الأحزاب التي بطشت بالمتظاهرين في ثورة 1تشرين المستمرة وقتلت وجرحت وأختطفت، كل ذلك سيدفع بقوى العمل على إسقاط التكليف والعمل بالإحتياط مادامت الممكنات قائمة لحييدهم في دائرة الدولة القوية، النائب عن كتلة ،سائرون، النيابية رياض المسعودي أكد في وقت قصير أن " الزرفي أمامه عقبتان هما الفتح الذي أعلن بشكلٍ واضحٍ رفضه له، والعقبة الأخرى هو تحالف القوى الكردستانية سواء الاتحاد الوطني أو الحزب الديمقراطي أو قائمة التغيير التي تشدد على ضرورة الحفاظ على علاقاتها الستراتيجية مع القوى السياسية الشيعية ، ولفت إلى أنه في حال أصرت بعض القوى الشيعية الأساسية على رفض المكلف عندها سيواجه صعوبة في إقناع بقية الشركاء في العملية السياسية ، مبينا أن الأسبوع الحالي سيكون حاسما في إثبات قدرة الزرفي على إقناع القوى السياسية الأخرى لتمرير التشكيلة الوزارية ، فيما ذهب السياسي المستقل اثير الشرع، السبت 28 اذار 2020، بالرأي الى ان الكتل الشيعية فشلت في تكليف شخصية بديلة لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، مشيرا الى وجود مخاوف بتنفيذ مخططات امريكية من تمرير حكومة الزرفي.