في بلد لا يعرف المستحيل، تشعر أن كل شيء قابل للتحقيق، هنا في الإمارات، ينطلق أول مسبار عربي إلى المريخ، لتشارك هذه الدولة الفتية العالم رحلته العلمية لاكتشاف الفضاء، السؤال هل دار بخلد أحد أن يأتي يوم يقتحم فيه العرب الفضاء، ويشاطرون العالم المعرفة والابتكار في هذا المجال الذي كان حكرا على الدول المتقدمة؟
أعتقد أن ذلك كان دربا من المستحيل، لكن في الإمارات لا مستحيل، من يعيش في دولة الامارات يشعر أن أحلام قادتها تعانق السحاب، وأن استثمارهم في المستقبل لا حدود له، كيف لا وهم يضعون نصب أعينهم التميز والريادة في المجالات كافة.
قبل نحو 60 عاما أعلن الرئيس الأميركي "جون كنيدي" أول برنامج فضاء للهبوط على سطح القمر، بدأ برنامج أبولو عام 1961 من طاقم مكون من ثلاثة رواد فضاء ، هبطوا على القمر في 20 يوليو 1969 ، خطوة نالت إعجاب العالم في ذلك الحين، وهذه الأيام وتحديدا في 15 يوليو 2020 تطلق الإمارات "مسبار الأمل" بمشاعر فخر لكل إماراتي وعربي ، المسبار يبعث رسالة بأن هناك أملا في شباب العالم العربي إن أحسن توجيهه للمساهمة في بناء الحضارة الإنسانية.
المسبار ثمرة تعاون بين فريق من المهندسين الإماراتيين والمؤسسات المختصة بعلوم الفضاء في العالم، هؤلاء الشباب يتطلعون بشغف لرؤية حلمهم يتحول إلى واقع حين ينطلق المسبار في رحلته إلى المريخ من مركز "تانيغاشيما للفضاء" في اليابان على متن صاروخ ميتسوبيشي (إتش 2 إيه) نحو الشرق في مسار يمتد فوق المحيط الهادئ، حيث يتولى فريق محطة التحكم الأرضية من مركز "محمد بن راشد للفضاء" في دبي متابعته والاتصال به حتى وصوله إلى مدار المريخ، عملية الاطلاق ستمتد 30 يوما من 14 يوليو الجاري حتى 12 أغسطس المقبل.
المركبة مسبار الأمل في رحلتها التي تستغرق 7 أشهر وتمتد إلى 493.500.000 كيلومتر ستقدم اجبابات شافية على استفهامات تتعلق بأنماط الطقس، وديناميكيات الغلاف الجوي، وأسباب تبدد جزء كبير من الغلاف الجوي لكوكب المريخ، وعقب الانتهاء من المرحلة الأولى من عملية الإطلاق، سيتم التخلص من الصاروخ، ووضع المسبار في مدار الأرض حتى تتم عملية الاصطفاف الدقيق مع المريخ، عندها تبدأ المرحلة الثانية من توجيه «مسبار الأمل» في الاتجاه الصحيح نحو الكوكب الأحمر، بسرعة تبلغ 11 كيلو متراً في الثانية.
وبمجرد إتمام المرحلة الثانية من عملية الإطلاق، ستبدأ سلسلة من الأوامر المعدة ً لتنشيط المسبار، وتبدأ بتنشيط الكمبيوتر المركزي، وتشغيل السخانات لمنع تجمد الوقود، ثم نشر الألواح الشمسية، واستخدام مستشعرات مخصصة لتحديد موقع الشمس، بعدها تبدأ مناورة تعديل موضع المسبار، وتوجيه الألواح الشمسية نحو الشمس، لتبدأ عملية شحن البطاريات الموجودة على متن المسبار.
وبعد تنشيط المسبار، سيبدأ إرسال إشارة إلى الأرض، هذه الإشارة سيتم التقاطها من قِبل شبكة "ناسا" لمراقبة الفضاء العميق التي تقع في العاصمة الإسبانية مدريد، وبمجرد تلقي الإشارة في المحطة الأرضية، يبدأ فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ بأجراء سلسلة من الفحوص للتأكد من سلامة المسبار.
وبعد إتمام عملية الاتصال، والتأكد من سلامة المسبار، سيعمل نظام التحكم على توجيه المسبار في الاتجاه الصحيح، بينما سيضمن نظام الدفع إجراء مناورات تفصيلية لتحسين مسار المسبار نحو المريخ.
لا عجب من خروج هذه المركبة من الإمارات الدولة الأكثر تنافسية على مستوى العالم، والمتفوقة في 100 مؤشر تنموي إقليمي، والمتصدرة في 50 مؤشراً عالمي، وصاحبة أفضل بنية تحتية، فالإنجاز لا يقترن بالتعاون مع وكالات فضاء أوروبية أو أميركية أو صينية فحسب، أنما بتعاون مجموعة شبابية إماراتية قبلوا التحدي، ورفعوا سقف توقعات قبادة دولتهم، ليحولوا في ست سنوات الحلم إلى واقع ، هنا أذكر كلمة الشيخ "محمد بن راشد": لا مستحيل، والمستقبل لمن يتفوق رقميا " وهو ما يفتح الآفاق أمام الأجيال المقبلة، تحية إعزاز وتقدير إلى قادة الإمارات ، وشعب الإمارات النبيل على هذا الإنجاز الذي هو بحق فخر لكل عربي.
التعليقات