قبل الحديث عن "اتفاقية أبراهام" التي نتج عنها إعلان تاريخي بقيام علاقات دبلوماسية واقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة "القوة الأكثر تأثيرا في المنطقة" وإسرائيل "القوة الديمقراطية في المنطقة"، علينا التمعن في التاريخ الحديث للسلطة الفلسطينية والحركات الجهادية. حيث يمكننا اعتبار "اتفاقية أوسلو" التي تم إبرامها قبل نحو 3 عقود هي التاريخ السياسي الحقيقي الأول للفلسطينيين دوليا، والتي من خلالها تم شرعنة "سلطة فلسطينية محدودة" مقابل اعتراف فلسطيني كامل بدولة إسرائيل.
وفي سرد تاريخي بسيط للمتابع الحديث وخاصة للجيل العربي الأكثر حداثة وتحررا من العقد المصطنعة، فإنه يكشف بأن السياسة الفلسطينية القائمة عبر منظمة التحرير والحركات الجهادية المبنية على التوجهات الفكرية المختلفة، هي العدو الأول للإنسان الفلسطيني. حيث قامت بجر الفصائل الفلسطينية لإشعال "الحرب اللبنانية الأهلية" وقبلها "أيلول الأسود" في الأردن الذي هدف لإسقاط النظام الملكي فيها، والتورط في دعم غزو الكويت، فضلا عن الجرائم الفردية التي أسفرت عن قتل دبلوماسيين من الإمارات وتفجير طائرات مدنية للإمارات والكويت. وهو ما أسفرعن منح إسرائيل المغفرة دوليا رغم شناعة أفعالها في الأراضي المحتلة، وزاد من التساؤل في الشارع العربي بشأن مصداقية القيادات الفلسطينية في توحيد صفوفها وتحديد أهدافها لقيام دولة منشودة على حدود 1967. خاصة بعد استمرار انقلاب حماس على السلطة في غزة، وهيمنة سلطة رجال "المليارية" على قرار فتح، وتحول حماس لحركة متطرفة بعد انصهارها في عمق السياسة الإيرانية والتركية المعادية للدول العربية واستقرارها الأمني، ومنحها قاسم سليماني لقب "شهيد الأقصى" الذي قتل وهجر من العرب أضعاف ما خسره العرب في تاريخ حروبهم مع تل أبيب.
وعليه، فإنه لابد من التدخل العربي والدولي لدعم الفلسطينيين في اختيار قيادة جديدة وموحدة من الداخل تكون بعيدة كل البعد عن الفساد والحزبية التي تقوم عليها حاليا حركتي"فتح وحماس"، وتكون قادرة على استيعاب الواقع السياسي للمنطقة وتحدياتها وخلق بيئة صحية للفكرالانتقالي السياسي، يكون مرجع للنضال الشعبي مستفيدا بذلك من العقول الفلسطينية الداخلية والمهاجرة. حتى لو تطلب الأمر قرار الإعلان عن حل للسلطة والحركات الفلسطينية المسلحة في الداخل والخارج ونزع السلاح منها لتشكيل نموذجا مسالما ومتعاونا مع المحيط العربي والمجتمع المدني في إسرائيل من خلال إرساء عقيدة جديدة تعمل وفق القانون الدولي والمجتمع المتحضر وترفض العنف بكل أنواعه وتجرم استخدام أو حمل السلاح بعد أكثر من 70 سنة من الفشل العسكري في مواجهة الاحتلال.
التعليقات