عند النظر إلى القرآن الكريم والتدبر في العديد من آياته، سنجد بما لا يدع مجالاً للشك أن الله لا يريد الفرقة والعداوة بين أتباع الأديان، بل ويحثهم على التعايش فيما بينهم، قال تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدِّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيرا) ونلاحظ هنا أن الله أقرّهم على ذلك، بمعنى أنه عندما ذكر أماكن العبادة لتلك الأديان ذكر بعدها: (يُذكر فيها اسم الله) فالجميع يعبد ويقصد ويدعو ويذكر ذات الإله الواحد.
وقوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا وبينكم)، وقوله: (إن هذهِ أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) وغيرها من الآيات.
وهذا هو منهج القرآن بعيداً عن تفسيرات العلماء وأقوال الفقهاء وتعدُّدها.
إن الدين كرؤية وأحكام وعقائد ومعاملات وطقوس شيء، والإيمان بالله شيء آخر، نختلف في أدياننا وهذا اختلاف طبيعي وهو ما أراده الله(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين)، لكننا نتفق جميعاً في الإيمان بوجود إله عظيم يحب البشرية ويتحنن عليها.
ومسألة إقحام الإنسان نفسه في قضايا نحو: هل إلههم هو إلهنا؟ هل هم يعبدون إله واحد أم ثلاثة آلهة؟ هل الله سيقبل منهم؟ كيف يعبدون الله بكتب محرفة(عند من يعتقد بذلك)؟
كل هذا ليس من شأن الإنسان، هذهِ من أعمال الله وهو من يحاسب عليها في اليوم الآخر، وهذا ما أخبرنا به الله في القرآن الكريم.
إن الخطوة العظيمة التي أقدمت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة في إنشاء هذا المعبد أجزم أنه سيكون لها بالغ الأثر والتأثير في نشر رسالة السلام بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، ستساهم تلك الخطوة في إخفاء أصوات الأصوليين شيئاً فشيئاً حتى تتلاشى لغة التطرف. خصوصاً أننا في العالم العربي أحوج ما نكون إلى تلك الخطوات الجريئة والجبارة، فالعالم العربي يمتاز بتنوع شعوبه وأديانه مابين مسلمين عرب سنة وشيعة وأكراد وصابئة ومسيحيين اشوريين وأقباط وموارنة ويهود في اليمن والمغرب...إلخ. هذا التنوع يقتضي مثل هذهِ الخطوات التي تسعى في نظري إلى تأسيس ثلاثة قواعد غيابها يقف خلف كل راديكالية ويغلق أبواب الحوار:
١.الله للجميع:
من حق أي إنسان مؤمن أن يعبد الله وفق الدين الذي يعتنقه ويعتقد بصحته، احتكار الله لقوم ودين معين منهج شيطاني.
٢.الإنسانية تجمعنا:
اختلافنا في الدين، بل حتى من اختار الإلحاد، هذا لا ينزع عنه إنسانيته وكرامته، الإنسانية ركن مقدس تماماً كما هو الدين.
٣.لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة:
وهذهِ هي إرادة الله، فكل مؤمن بالله يرى أن دينه ومذهبه هو الحق، ولا بأس في هذا الاعتقاد، لكن أن يتحول هذا الاعتقاد ليكون مبرراً لإقصاء الآخر وسلبه حقوقه وحريته، هنا يجب منع وردع أصحاب هذا الاتجاه الأصولي.
إن معبد الديانات الإبراهيمية سيعيد للمسلمين وغيرهم الفهم الصحيح للدين، سيرفع مستوى الوعي لدى المسلم والمسيحي واليهودي والذين كانوا مُغيَّبين على مدى سنوات بفعل مجموعة أشخاص كانت المنابر والساحات في أيديهم، فنشروا أفكارهم المبنية على فهمهم المنحرف للنصوص الدينية، أشخاص عندما تقرأ آراءهم وأقوالهم تشعر أنك تقرأ عن نماذج وأمثلة للشخصية السيكوباتية!!
لذا فإن هذا المعبد العظيم سيكون علامة فارقة في تاريخنا الإنساني والعربي والإسلامي