الحرب بنتائجها السياسية، والحرب الأخيره على غزه حرب سياسية، ستكون لها تداعيات سياسية بعيدة المدى سواء على مستقبل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية أو مستقبل غزه وحركات المقاومة خصوصا حركة حماس التي تبحث عن دور رئيسى معترف به إقليميا ودوليا ورفع توصيفها عن قائمة الأرهاب.
التداعيات السياسية التي صاحبت الحرب الأخيره لم تتوفر في الحروب الثلاث الأخيره، ولم تقتصر تداعياتها على اطراف الحرب، فلسطينيا خروج المسيرات الرافضه للعدوان تجعل من خيار أوسلو مرحلة قديمه ويفرض على السلطه الذهاب لما هو ابعد من ذلك بالتمسك بخيار الدولة، وعلى مستوى غزه لم يعد بمقدور حركة حماس أن تتجاهل البعد السياسى لعدم تحملها نتائج حرب أخرى، فلم يعد أمامها الأ خيار الأنغماس في أي عملية سياسية جديده، وفى داخل إسرائيل خروج المسيرات التي صاحبها قدرا من العنف يضع إسرائيل أمام تحد البقاء من الداخل ويبرز من جديد مشكلات التكامل والأندماج.
عربيا، ورغم إتفاقات السلام خرجت الكثير من الأصوات الرافضه للعدوان والتي أضطرت الأنظمة الرسمية للتفاعل إيجابيا والمطالبه بوقف العدوان وسياسات إسرائيل التهجيرية في القدس، وعلى المستوى الأميركى وهو الفاعل الرئيس ورغم الموقف المؤيد لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها لكن ثلاثة إتصلات هاتفيه بين الرئيس بايدن ونتانياهو يكشف القلق الشديد لدى الإدارة الأميركية إستجابة للمسيرات الكبيره التي خرجت لأول مره في المدن الأميركية ترفع الأعلام الفلسطينية وبروز تيار بيرنى ساندرز وإنتقادة لسياسات إسرائيل وصوت النائبه من أصول لا تينيه الكساندرا أوكاسا كورتيز إلى جانب أصوات أخرى مثل رشيده وإلهان عمر كلها تفرض ضغوط على الإدارة الأميركية للعب دورا أكبر وأكثر فاعليه وهذا ما تم التعبير عنه في الأتصالأت مع دول المنطقه والأتصال الهاتفى لأول مره من الرئيس بايدن بالرئيس عباس، وإعلان تأييدها لحل الدولتين.
ولم تكن اوروبا وروسيا وغيرها بعيده لما شهدته أوروبا من مسيرات تخرج لأول مره تنتقد العدوان. هذه المعطيات تعنى أننا أمام بيئة سياسية جديده تدفع في إتجاه السلام والتسوية والمفاوضات.هذه المعطيات تؤكد أن مقاربة صفقة القرن التي تبنتها إدارة ترامب وبتفاخر بها مستشاره وصاحب افكارها كوشتنر لم تعد صالحه للنقاش ولن تكون مطروحه على طاولة التفاوض من جديد.وكما قالت المعلقة في صحيفة نيورك تايمزميشيل غولد بيرغ أن خطة كوشنر للسلام قد فشلت.
أضافت: كان في قلب الثقة الزائده بالنفس وفى الأتفاقيات نفسها وهم قاتل بأن الفلسطينيين هزموا بدرجة كبيره وفى حالة يائسه وتستطيع إسرائيل تجاهل مطالبهم. ومن أخطاء كوشنر لدرجة الوهم السياسى ما كتبه : واخد من الأسباب التي أدت لإستمرار النزاع العربى الإسرائيلي ولوقت طويل كانت الأسطورة التي أكدت على ضرورة توصل الفلسطينيين والإسرائيليين لحل خلافاتهم. وذهب بعيدا في تصوراته بقوله: لم يكن هذا صحيحا أبدا، وكشفت إتفاقات إبراهيم أن النزاع لم يكن سوى نزاع عقارى بين الإسرائيليين والفلسطينيين ويجب ولا يعيق علاقات إسرائيل مع بقية العالم العربى.هذه التصورات سقطت مع الحرب على غزه، فلم يعد تصور أن تذهب دولا عربيه أخرى للسلام مع إسرائيل، وهذا يعنى تجميد المقاربة الأقليمية التي قامت عليها صفقة القرن، البدء من اعلى بعيدا عن نقطة الصراع الرئيسه، الحرب الحالية أعادت الدور لهذه الدائره الرئيسه، وانه لا يمكن افقفز عليها.وانه لا سلام بدون الفلسطينيين، وأن العدالة للفلسطينين هي شرط للسلام، وهذا هو الخطأ الدائم الذى أرتكبته كل الأدارات الأميركية.
السؤال هنا: إلى أي مدى يمكن لإدارة بايدن أن تلعب دورا أكثر واقعيه وفاعليه وقربا من الحقوق الفلسطينية؟
لعل أحد الأسباب الرئيسيه لغياب شرط العدالة للفلسطينيين هو موقف الأدارات الأميركية المنحاز كلية لإسرائيل والذى وصل لذروته مع إدارة ترامب والقرارت التي أتخذتها بنقل السفارة الأميركية إلى القدس والأعتراف بها عاصمة واحده لإسرائيل وقطع الأتصالأت بالسلطة الفلسطينية ومعاقبتها ماليا.
لذلك لا نبعد عن الحقيقه إذا قلنا أن السبب الرئيس لهذه الحرب هي إدارة ترامب التي شجعت المستوطنيين واليمين المتشدد في إسرائيل على تبنى سياسات التهجير كما راينا في حى الشيخ جراح. تخوفات الفلسطينيين أن هذا بداية لعملية تهجير وتطهير عرقى كامله فكانت الهبة المقدسية والذهاب للحرب وكان شعارها سيف القدس.
هنا وكما قال ديفيد بن عامي مدير الجماعة الصهيونية الليبرالية: أعتقد أنه لم يكن هناك أي مجال لإستمرار الأحتلال والضم الزاحف لو قالت الولايات المتحده لا. إذًا، السبب الرئيس سياست التهجير والطرد القسرى والتمايز العنصرى التي من شأنها أن تدفع بالشعب الفلسطينيى للإنتفاضه ومواصلة نضاله مهما كانت التضحيات، وهذه هي روح الصمود التي وجدناها في غزه.والوهم السياسى الذى وقعت فيه إسرائيل وإدارة ترامب إستمرار خيار الأمر الواقع وقبول الفلسطينيين بما هو قائم، هذا الخيار لم يعد متاحا بعد الحرب التي كان من أهم أهدافها رفض القبول بما هو قائم.والفارق بين ترامب وغيره أنه كان أكثر وضوحا في تجاهل حقوق الفلسطينيين، هذا التجاهل أسقطته الحرب على غزة.ولا شك موت حل الدولتين وقانون القومية اليهودية قوى من الشعور بالمصير المشترك بين كل الفلسطينيين ما بين البحر والنهر أي لأكثر من ستة مليون نسمه يعادلون سكان إسرائيل، وتخوفهم أنهم لم ينالوا نفس مقاربة الحقوق التي يتمتع بها الإسرائيلي الذى يعيش على نفس الأرض.
أخيرا وكما أشارت ديانا بوظو مستشاره قانونيه سابقه في منظمة التحرير أن الولايات المتحدجه هي التي ضمنت قهر الفلسطينيين ومساعدة القوة المتزايده للقومية اليهودية.
يبقى السؤال قائما: هل تدرك إدارة الرئيس بايدن هذه الحقائق والمعطيات الجديده وتتبنى مقاربه أكثر عدلا وواقعية لتحقيق مقاربة الحقوق المتساويه للفلسطييين لنتجنب حربا أخرى قد تكون أكثر تدمارا وشمولا للمنطقة.
هذا ما قد تكشف عنه الأيام المقبلة.
التعليقات