ربما لا بل إنني تأخرت في قراءة كتاب: "الطريق إلى مكة" للكاتب اليهودي الذي كان إسمه "ليوبولد فايس" والذي بعد أن أسلم أصبح: "محمد أسد" الذي قال فيه: إنه منذ بدأ وعي البشر في التكوّن كانت الصحراء مهد كل إيمان بالخالق الواحد حتى في المناطق المعتدلة الأطيب مناخاً والألطف طقساً كان الإحساس الغامض بوجوده ووحدانيته يهيمنان على ذهن البشر.. ظهر ذلك المفهوم الإغريقي القديم عن "مويرا" كقوةً غير محددةٍ أعلى من آلهة جبال الألب”.
ثم أضاف إلاّ أنّ المفهوم لم يزد عن كونه مشاعر مبهمة غير متبلورةٍ إلى مفهوم متكامل.. إحساسٌ بالألوهية أكثر من معرفةٍ يقينية.. حتى تفجّرت المعرفة بيقينٍ متوهج بين سكان الصحراء وفي قلب الصحراء.. إنبثق اليقين من عقليةٍ متوهجةٍ في صحراء ميديان ومنها إنبعث صوت الله إلى كليمه موسى.. كما إنبثق من صحراء الأردن التي تلقىّ فيها المسيح رسالة "مملكة الرب" وإنبثق من غار "حِراء" في تلال الصحراء بالقرب من مكة حين نزل أولُّ وحيٍ على محمد.. إبن الجزيرة العربية.
نزل عليه في ذلك الممر القاحل المقفر بين الجبال الصخرية في ذلك الوادي العاري الذي أحرقته شمس الصحراء.. نزل عليه يُصحّح مفاهيم ويقدّم إجابةً صريحةً واضحةً بالإقبال على الحياة بالروح والجسد: رسالةٌ أعطت شكلاً ومضموناً وهدفاً لأمةٍ كانت بلا شكل وقبائل شتّى متفرقة.. بذلك المفهوم إنتشرت الرسالة في بضعة عقودٍ مثل الوعد والوعيد حتى أقاصي الغرب على مشارف المحيط الأطلنطي وإلى الشرق حتى سور الصين العظيم: "نزلت الرسالة لتظلّ قوةً روحيةً عظيمةً حتى اليوم بعد ثلاثة عشر قرناً".
إنّ هذا الكتاب في أكثر من خمسمائة وخمسة وستين صفحة وإنّ مؤلفه الذي بعد أن هداه الله وأسلم أصبح إسمه محمد أسد وكان: "ليوبولد فايس" وأنه ولد لأبوين يهوديين بإحدى مقاطعات النمسا في عام 1900 ميلادي، وكان قد عمل صحافياًّ ومراسلاً لعددٍ من الصحف الأوروبية وتنقل في العديد من دول الشرق الأوسط وفي مقدمتها القدس.. ثم دمشق وشارك كثيراً من الأحداث التي شكّلت مستقبل هذه المنطقة، التي كما قال: "تمتدُّ من ليبيا حتى الهند وهذا كان قبل وبعد إعلان دولة باكستان المستقلة".
إنني لم أقرأ ما هو أهمُّ من هذا الكتاب: "الّلهم بإستثناء القرآن الكريم"، وهكذا فإنّ المفترض أنّ هناك كتباّ قد مرت عليها سنوات طويلة وهي على رفوف المكتبات التي غدت مصفرّةً ويكسوها غبار السنوات الطويلة، والمهم أنّ هذا الكتاب: "الطريق إلى مكة" يجب أنْ يُخرج من مخابئه وأنْ يوضع بين أيدي طلاب الجامعات وقادة الأحزاب، الذين غالبيتهم لا يقرأون إلاّ ما يكتبون.. إنّ هذا الكتاب الذي يحتوي معلومات في غاية الأهمية يجب ألاّ يبقى على الرفوف المقنّعة بالأتربة والغبار والذي قال عنه "صاحبه" محمد أسد: "إنه لم يخطر بذهني ولا طاف بخاطري أن أكتب تلك الحكاية لأنني لم أعتقد في أيِّ وقتٍ أن أحداث ووقائع رحلة حياتي من الممكن أن تُشكل أيّ أهميةٍ لأيّ إنسان بإستثنائي.. أنا بالطبع"!!.