هل نجحت صناديق الاقتراع بالعالم، في إنجاب قادة عظماء، سيّروا البلاد في الحرب والسلم، الى السمو والازدهار، بعيدا عن الاستبداد، والتوّرط في استغلال المنصب من أجل المال، والجدوى الشخصية.

مع دنوّ الانتخابات في العراق، فانّ الديمقراطية أمام امتحان صناعة زعماء يحترفون السياسة والإدارة، ويركّزون على الخدمة العامة، ويفضلّون مشاريع الأمة، على مآربهم الخاصة.

الانتخابات في الدول الناجحة، هي السبيل لاصطفاء الزعيم المثالي وفريق عمله، لاسيما في أوقات الشدائد، والأحوال المضطربة، حيث يمثّل الانتقاء، تدبيراَ حسّاسا وخطيرا، لان تداعياته ستكون وخيمة على مركز القرار، ومستقبل الامة.

نجح ونستون تشرشل في تخطي نوبات الالتهاب الرئوي، ليكون قادرا على العمل طوال الوقت، والتركيز في أكثر الأوقات صعوبة، وكان مستعدا لأنْ يعيد تدقيق خطبته لثلاثين مرة، كي تصبح عباراتها مثالية، حتى لا يقول المواطن بانه انتخب الزعيم الخطأ، في الزمن الخطأ.

يتصوّر البعض انّ الحظ يلعب دورا في ارتقاء زعيم ما، وانّ الديمقراطيات فقط هي الوحيدة القادرة على انجاب زعماء لا يتشبثون بالكرسي، لكن نابليون بونابرت يدحض ذلك، ويقدّم الدليل على انّ الأمم يمكنها صناعة الزعيم التاريخي، لكن ليس بالصدفة، بل عن حتمية، تفرزها الآلام، والنزوع الى الرفعة.

فرانكلين روزفلت، احترم وعده للآباء الأمريكيين، بعدم ارسال "أولادهم" إلى حروب خارجية، على الرغم من انّ هذا الوعد، يقلّل من فرصه احتفاظه بالبيت الأبيض، ومواجهة العاصفة السياسية من الخصوم.

أبراهام لنكولن، أقال الوزراء والجنرالات ذوي الأداء الضعيف، من دون خشية فقدان الحلفاء السياسيين.

عزل ستالين نفسه، أسابيعا، لكي يرد على هجوم بربروسا في 1941، ولم يستفزه اقتراب الألمان من بوابات موسكو، وحشّد المقاتلين بطريقة مثالية، موصلا رسالة عظيمة، بان الشعب هو من يقرر للمصير، حتى في النظام الشمولي.

شارل ديغول، آمن بأنّ الديمقراطية الحقيقية، لن تسمح بنفاذ زعماء منحرفين او عرضييّن، الى مركز القرار، واذا حصل ذلك فهذا يعني انّ هناك ثمة خطأ، وعلى الشعب ان يتعلّم الدرس، لتقويم المسار، وعدم اجترار الإخفاق.

ولأنها اثبتت جدارة في الزعامة، فانّ الشعب الإنكليزي تضامن مع مارغريت تشرشل، بعد محاولة اغتيال الجيش الجمهوري الأيرلندي لها في 1984، واعتبر ذلك، ضربة لخيار الشعب.

ربما تتعثر الديمقراطية في انتقاء قادة وممثلي الشعب من أصحاب الكفاءة والخبرة والقيادة، لكنها في الخاتمة، لن تجعل الطارئين، يستمرون.

الديمقراطية العراقية في حاجة الى المزيد من التمرين، والوعي، من اجل النجاح في قيادة الناس عبر أولئك الذين يختارهم الشعب في الانتخابات لأجل تمثيله، وليس من أجل تكريس مصالح الحزب او الجماعة، والشعوب الحية لا تنتظر الصدفة، ولا تهاب الصعود على التضاريس السياسية والاقتصادية، بل تسارع في صناعة القائد، لا أنْ تنتظره، كيف يولد.