إلى كثبان الرحمة
سحائب المحبة والعطف والحنان
الكواكب المضيئة والتي لا تمل عن الدوران
إلى الأنهار التي تجري في بيتنا عذوبةً ورقةً ورأفة
إلى أخواتي الكريمات ..


مع تقدم الإنسان في العمر، ومع مرور الحياة يدرك الإنسان أنه ليس هناك شيءٌ على وجه البسيطة يعادل حنان الأخت ودفئها
في الحياة كل شيءٍ هناك مشروط، لا شيء دون مقابل سوى محبة الأختِ لأخيها، هو حبٌ مطلق، حبٌ أبدي،
وجودهن في كل بيتٍ غنى، ويا لأسفي على تلك البيوت بلا أخوات ..

{ وقالت لأخته قصيه }

في أحلك الظروف وأصعبها، في عز ظلمات الليل، ورائحة الخوف والموت في كل مكان، والرعب يملؤ الصدور تخرج فتاةٌ نحيلةٌ في منتصف الليل، رغمًا عن الظلمة والرعب والخوف
تسير بمحاذاة النهر تراقب رضيعًا صغيرًا تهدهده عناية الله ورحمته
لم تخشَ ظلم الطغاة، ولم تهاب جبروتهم لأن قلبها كان أشجع قلبًا تلك الليلة على ظهر بسيطة
لم يكن هناك أشجع من قلب تلك الفتاة على أخيها
سارت برفقته إليهم حيث كانوا هم يبحثون عمًا مثله

لقد سلط القرآن الضوء على هذه البطولة، ليكون درسًا خالدًا للبشرية عن عظم الأخت


هي الأم الثانية، والقلب الرحوم
كانت ولازالت الأخت في الجزيرة العربية مصدر فخرٍ واعتزاز

وإن صخرًا لتأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار
جلدٌ جميل المحيا كاملٌ ورع
وللحروب غداة الروع مسعار
.... إلى أن تقول
قد كان خالصتي من كل ذي نسبٍ
فقد أصيب فما للعيش اوطار

أي حبٍ وحزنٍ وألمْ ولوعةٍ قد تجرّعتِ مرارته يا خنساء !
أي مشاعرٍ صادقة نقلته لنا
إنه الحب الخالد الأبدي ..
من أختٍ لأخيها كانت تحنو عليه، صغيرًا وتعده أبًا لها بعد أبيها
أجمل ما قالته تماضر " الخنساء " وأرق وأعذب ماقيل في الرثاء...

تبكيك وكأنك تعيش ألمها وحسرتها على أخيها
مع أنها فقدت أربعةً من الأبناء بعده
إلا أنها لم تسل عذوبةً كما سالت على أخيها صخرًا
الأخت هي الأم بعد أمك
وبرّها امتدادًا لحبها وكأني برسول الله وقد جيء إليه بأخته
الشيماء أسيرةً
وقد عرّفتهُ بنفسها وذكّرت الرسول بعضته لها حينما كان سويًا في بني سعد
فتذكر رسول الله حنوها عليه ورعايتها له، فرقّ لها وأعتقها وافترش ردائه لها وأجلسها عليه، إكرامًا لها واجلالاً ووهب لها من العطايا وخيّرها بين البقاء عنده أو الرجوع إلى قومها
فعادت إلى قومها موفورة الحظ والكرامة
ما أحوجنا في زماننا هذا لتفقد الأخوات والسؤال عنهن، وتلمس حاجاتهن والتّلطف معهن فبرهن ببر الوالدة ممدود
وحبلهن بحبل الله موصول

وحين يتطاول الزمان ويتعاقب لا ننسى الشامخة نورة وكيف وقفت مع أخيها عبد العزيز
وكيف آزرته وشجعته ونصرته لاسترداد ملك آباءه وأجداده
حتى أصبحت فخرًا لأخيها الملك عبدالعزيز وفخرًا لنا جميعًا
فكان ينتخي رحمه الله بها
(وأنا اخو نورة)

الحديث عن الأخت يطول، ولا شيء يصف ولا لربع المشاعر وما يجول بالنفس تجاهها ..

أن يكون المرء بلا أخت، لهو يتمٌ آخر