قرأت في كتب التاريخ ولم أجد أجمل من حفظ الود
وقرأت في كتب الأدب ولم أجد أروع من صنائع المعروف
وقرأت في الشعر جُله ولم أجد أجمل من بيتٍ يستر فقيرًا أو محتاجًا
وقرأت في القصص وأنواعها ولم أجد أروع من الوفاء
وقرأت في السياسة ولم أجد أجمل من التغاضي …
وقرأت في الفلسفة ولم أجد أروع من ترك الإنسان ما لا يعنيه
وقرأت في فنون الحياة ولم أجد أروع ولا أجمل ولا أفضل من اللطف ولين الطباع.


إنّ مكارم الأخلاق تجذب كلّ عين، وتحفر في النفس والروح عميقًا، حتى يكاد الرائي يحسبها أجمل ما في الإنسانيّة!
والآية التي وصفت أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلّم تكفي لتظهر عظمة مكارم الأخلاق "وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم"..
حتى أن الشاعر أحمد شوقي قد خصّ هذه الفضيلة بأبيات يشير فيها الى أنّ أخلاق رسول الله وحدها تشكّل دينًا عظيمًا بقوله:

يـا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا
مِـنـهـا وَمـا يَـتَعَشَّقُ الكُبَراءُ

لَـو لَـم تُـقِـم دينًا لَقامَت وَحدَها
دينًا تُـضـيءُ بِـنـورِهِ الآناءُ
ولعلّ ما يزيد البشرية جمالًا هم أولئك الذين يبادرون بالجمال والخير ويسعون إليه بين الناس ولا ينتظرون حتى تكون أفعالهم ردودًا على مبادرات الآخرين، بل يسارعون في الحياة لكي ينشروا الخير والبركة والابتسامة في قلوب وعقول كل من يمرّ في طريقهم..
يبلسمون الجراحات، يضخّون الأمل في القلوب اليائسة، يؤوون الغرباء بألسنتهم حتى يُدفئوا غربة القلوب وبُعدها عن الأهل والوطن، يعينون كلّ محتاج، يسترون العورات، يرفعون المعنويّات، ولا يرون إلا جميلًا…
هؤلاء هم ملائكة الرحمة على الأرض …
فإن وجدتهم - وهم كُثُر ولله الحمد - تمسّك بهم، وحافظ عليهم!
وإن لم تجدهم فاسعَ جاهدًا إلى أن تكون واحدًا منهم، كي تكون عونًا وقدوةً لكلّ الناس ولترتقي مرتقى الصالحين!