ونسألهم ماذا سيتغير في العراق أو في المعادلة السياسية لو جَرت تلك الإنتخابات المُبكّرة التي يُطالبون بها؟ ماذا لو عاود المشهد السياسي بالمُخرج والمُنتج وكاتب السيناريو وحتى الكومبارس أنفسهم؟ هذا الإستهلال الذي يبدو أنه يدخل ليس من باب التوقعات بل الجَزم بتلك النتائج لعدم توفر المُتغيرات البديلة ومستلزمات الإصلاح والتحديث المطلوب لتغيير النتائج، ثم من يضمن تلك المُشاركة الجماهيرية الواسعة التي ستشارك في الإنتخابات إذا كانت نِسب المُشاركة في سابقاتها لم تتعد تلك النِسب الضئيلة.
الغريب أن المنظومة السياسية في العراق ترى أن مشاكلها المُستعصية تكمُن حُلولها في صناديق الإنتخابات التي غالباً لا تعترف بنتائجها ومُخرجاتها، لكنها تلجأ إليها من باب تأجيل الأزمة إلى إشعار آخر، حتى باتت هذه المنظومة تتغافل عن مساوئ النظام السياسي الذي هو سبب كُل هذا الفشل والإحباط والفوضى وتعتبر من المُعيب بل من الخطوط الحمراء التوغّل إلى خطاياه، لذلك تحولت الدولة عندهم إلى مفهوم الدويلات التي تتزعمها حكومات وزعامات متعددة حزبية وطائفية وقومية تتقاسم الغنائم والمصالح والمنافع وصلت حتى إلى المقاعد البرلمانية التي أقروا فيها حُصصهم وإستحقاقهم الإنتخابي مُقدماً ولو لم يعترفوا بهذه الإنتخابات مما حولتهم الى تجمعات كُتلوية وقعت في فخ الولاءات المُزدوجة للخارج وإنعدام الوطنية وذوبان الدولة في أروقة دهاليز غُرفهم الحزبية وصراعهم السُلطوي عندما أصبح الهم الأكبر لهم هو التنافس على من يُريد الإنتخابات المُبكرة ومن يرفضها كتحصيل حاصل لرغبتهم وإستماتتهم بالبقاء في السلطة ومراكز النفوذ ليس أكثر.
وحتى لو أثمرت تلك الإنتخابات عن نتائج تُرضي تلك الأطراف المُتصارعة يبقى السؤال الذي يفرض نفسه.. كم من الوقت سيستغرق تشكيل الحكومة القادمة بجلوس تلك الزعامات لتقاسم حصصهم؟ وكم من الزمن يستهلك ذلك الحوار الذي يكون وقتاً مُستقطعاً من حياة المواطن العراقي الذي لم يعد يستطيع تحمل تكاليف وأعباء حياته وثُقل أيامه وظروفه الصعبة.
بالمُحصلة ليست مُشكلتنا في إجراء إنتخابات مُبكرة من عدمها، بل من خطايا العراق بعد عام 2003 أنهم أوجدوا له دستور مُهلهل مليء بالألغام التي تزيد من تعقيد المشهد ونظام سياسي فاشل يُدار بمنظومة سياسية أكثر فشلاً منه لا تعرف معنى إدارة دولة ومؤسسات وقيادة شعب.
منظومة سياسية تجد في تأجيل المشاكل وترحيلها هي الحلول الناجحة، لكن المُصيبة أن تلك الحلول المؤجّلة بدأت تكبر شيئاً فشيئاً حتى أصبحت مثل كُرة النار وليس الثلج التي تحرق كل من يقف أمامها حيث باتت الأمور تتأزم أكثر.
ربما سيضعون موعداً جديداً لإنتخابات مُبكّرة تُهيئ لها حكومة وقتية بزمن تحت سقف مُحدد ومصاريف إنتخابية مهدورة يدفع ثمنها الشعب من رصيده وحياته ومستقبله لِتُعلن في النهاية تلك النتائج التي لن تُغير من الواقع السياسي المُتهالك وتُضيف له الشيء الجديد سوى مزيداً من لعنات المواطن لِزمنه الأسود الذي جعله في الزمان والمكان الخطأ والذي تسبب في تعاسة حياته.
التعليقات