العدالة والطريق إلى السلام المجتمعي

العدالة هي أساس المجتمع الصحي، الذي ما أن يتم تحقيق العدالة فيه يبدأ في البحث عن التطوير وعن صناعة وصياغة مستقبل أفضل لأبناءه، وتساهم في بناء حضارة قوية، فنجد أن جميع الحضارات القديمة مثل الحضارة الفرعونية، أو الممالك اليمنية القديمة، وكذلك العرب القدامى استطاعت حضارتهم المضي قدمًا واستمرار أخبارها حتى وصلت إلينا في يومنا الحاضر بسبب تحقيقها لمفهوم العدالة، بكل ما يحويه هذا المفهوم من صياغات مختلفة، وفي هذا المقال سنتحدث سويًا عن مفهوم العدالة، وأنواعها، والأسس التي تقوم عليها، وأهميتها.

حيث حدد فلاسفة اليونان القديمة أربعة فضائل التي يجب أن يتسم بها المجتمع، لكي ينهض بأمته ويصمد أمام جميع المخاطر المجتمعية، وتلك الفضائل الأربعة هي:" الشجاعة، العفة، العدالة، والحكمة"، ونادت الأديان السماوية، كما نجد العدالة في الإسلام على سبيل المثال، ويظهر ذلك في كثير من الآيات القرآنية التي تدعوا الناس إلى العدل، والكثير من الأحاديث النبوية الشريفة كذلك تدفع إلى أن العدل هو الأساس الذي يجب أن يكون أحد دعائم الحضارة الإسلامية، والتي بالفعل نجحت في الصمود حتى اليوم.

مفهوم العدالة
يمكن القول بأن العدالة هي تحقيق التوازن والمساواة بين أبناء الوطن الواحد، وإعطاء كل ذي حقٍ حقه وفقًا للمتطلبات والمواد القانونية المتعارف عليها في نطاق مواد قانونية، والتي بدورها تنص على الثواب والعقاب من قبل الهيئة العاملة على تنفيذ هذا القانون، وأن يتم تحقيق هذه العدالة بغض النظر عن الدين والعرق والجنس.

وفي إطار مفهوم العدالة سيكون تحقيقها قادرًا على خلق نوع من السلام المجتمعي، نظرًا لما سينتج عنه من تحقيق للأمن والأمان داخل مجتمع ما، نظرًا لعلم أبنائه مسبقًا بأن حقهم محفوظ طالما عملوا وفق لهذه القوانين الموضوعة من قِبَّل الخبراء والمتخصصين، الذين يعملوا في وطننا العربي وفقًا للشريعة الإسلامية، وما نصت عليه في تلك المسألة.

أنواع العدالة
تتعدد أنواع العدالة، والواجب أن يتم تحقيق جميع تلك الأنواع في المجتمع، للحصول على مجتمع مسالم ومتصالح مع نفسه، ويمكنك التعرف عليها في النقاط التالية:

* العدالة الاجتماعية: تتحقق العدالة الاجتماعية من خلال حصول جميع أبناء الوطن الواحد، بشكل متساوٍ وعادل ومتوازن، دون تفرقة بسبب منصب، أو عرق، أو جنس، أو دين على كافة وجميع الخدمات الطبية، والحصول على فرص العمل، والترقي في وظائفهم، والحصول على الخدمات العامة بشكل عادل.

* العدالة القضائية: وتعتبر هي حصول المواطنين على محاكمة عادلة، ودون تمييز، من خلال أن يتم العقاب على مستوى الجرم المرتكب في حق المجني عليه، وفي حق المجتمع، بشكل متوازن يضمن تحقيق هذا النوع من العدالة، وفقًا للقوانين الموضوعة في قانون العقوبات.

* العدالة السياسية: وهي ضمانة حق الترشح لمنصب سياسي ما، أو العمل ضمن النظام السياسي القائم بشكل مساوي بين الجميع بغض النظر عن الجنس، أو الدين، أو العرق، وأن يكون هذا الحق مكفولًا لجميع أبناء الوطن الواحد لتداول السلطة بشكل سلمي.

* العدالة الاقتصادية: وهذا النوع يكون عبارة عن توزيع الثروة والرواتب بشكل متساوي، ومتزن مرتكزًا على وصول قدر الراتب على قدر الجهد المبذول بشكل عادل، لمساعدة المواطنين على الظروف المعيشية، وتوفير حاجاتهم اليومية دون تمييز أو تفرقة.

أسس العدالة في المجتمع
هناك مجموعة من الأسس التي تقوم عليها العدالة في المجتمع، حيث تحقيق العدالة يأتي من خلال تحقيق هذه الأسس التي تتلخص في تحقيق الكرامة للمواطنين، وتحقيق المساواة بين أبناء الوطن الواحد دون أي تمييز، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ومساعدة خلق نوع من الترابط المجتمعي مع العمل على إزالة أية صراعات بين طبقاته.

ويعتبر الكثير من علماء الاجتماع أن الصراعات والنزاعات بين أبناء المجتمع الواحد، تأتي عادًة بسبب الظلم وعدم الشعور بالمساواة، وعدم المعاملة بشكل متساوي ومتكافئ بين طبقات المجتمع المختلفة فلا يمكن أن تستمر طبقة ما في المجتمع دون وجود الطبقة الأعلى، والطبقة الأدنى منها ويجب أن يتم تحقيق العدالة بينهم حتى لا يحدث أي خلل مجتمعي.

في الأخير عواقب عدم تحقيق العدالة يمكنك أن تراها في شريط الأخبار، الذي يتم عرضه بشكل يومي أو يمكنك القراءة عنه في قسم الأخبار العالمية، فالعالم أصبح هناك جزء ليس بالصغير، لا يتم تحقيق أي نوع من أنواع العدالة، وبالتالي يمكنك أن تعرف أن غياب العدالة يعني غياب الدولة والمجتمع معًا، ويعد بمثابة سقوط في هاوية لن يجني أي خير منه سوى أعدائك.

#فضاءـالرأي