منذ ثلاث سنوات برز اسم غريتا تونبرغ وهي فتاة سويدية كانت تبلغ من العمر حينها 16 سنة عندما ألقت بكلمة لها في قمة المناخ على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي حضره قادة العالم على رأسهم الرئيس السابق أنذاك دونالد ترامب، وتقول المعلومات أنها تعاني من متلازمة أسبرجر، واضطراب الوسواس القهري، والطفرة الانتقائية، لكنها كانت تملك من الوعي ما لا يملكه الأصحاء و الكبار، لقد أدركت تلك الطفلة التي اهتمت في سن مبكر بكل ما يتعلق بالبيئة والمخاطر التي تواجه المناخ في ظل استمرار الدول الصناعية في اغتصاب الطبيعة وتلويثها، كانت غريتا جريئة إلى حد أنها قررت في أغسطس عام 2018 عدم الذهاب إلى مدرستها في ستوكهولم احتجاجا على عدم التزام بلادها باتفاقية باريس للمناخ التي تهدف إلى خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون.
كل يوم جمعة كانت غريتا تعتصم أمام أبواب البرلمان السويدي خلال ساعات الدراسة لتضغط على حكومة بلادها، حتى تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت نموذجا يحتذى به في أوساط الشباب وقاموا بدعمها للدفاع جميعا عن البيئة، وتم تنظيم إضرابات في أكثر من 270 مدينة في أوروبا ،أستراليا، الولايات المتحدة، واليابان لمحاولة التأثير على حكومات بلدانهم لوضع حد لأزمة المناخ التي تهدد مظاهر الحياة على هذه الأرض.
تعاطف كثيرون مع غريتا لكن الكبار مستمرون في لعبتهم القذرة، وقد انتابني مؤخرا خوف كبير من كلام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش في قمة المناخ "كوب 27" المنعقدة في شرم الشيخ بمصر الذي عزى فيها الفوضى المناخية إلى الصراعات العالمية، وشدد على أن الإنسانية تخوض معركة بقاء في مواجهة التغيير المناخي، لذلك دعا غوتيريش إلى ضرورة حصول اتفاق بين اقتصادات الدول المتقدمة والنامية والناشئة من أجل البيئة ولصالح الإنسانية مركزا على الصين والولايات المتحدة الأمريكية حيث غاب فيها رئيس الأولى عن المؤتمر ويمر رئيس الثانية فيها مرورا لم يبد فيه أهمية لخطورة الوضع.
لا يبدو أن قمة المناخ في شرم الشيخ تؤتي أكلها فلن يتم أي اتفاف ولاأفق لحصوله، في وقت نترقب فيه جميعا خروج المشاركين بقرارات ملموسة وجدية يتم تنفيذها بأسرع وقت على أرض الواقع قبل فوات الأوان، لكن الأمور ضبابية ولا تعكس أي تقدم.
شئنا أم أبينا الكرة في ملعب الدول الكبرى، التي تتحمل كبرى الشركات فيها مسؤولية التغير الحاصل في المناخ، فثلثي انبعاثات الكربون تتسبب فيها تلك الشركات، والنتائج الكارثية نراها بشكل يومي من أمراض وفياضانات ومجاعة وغيرها من الأخطار المحدقة هي بسببها.
ينبغي أن يتجرد الإنسان من جشعه، لأنه سيقود بالبشرية والحياة على هذه الأرض إلى الهلاك، نحتاج إلى وقفة إنسانية موحدة ووعي مشترك للضغط على هذه الدول والعمل على إنقاذ المناخ والبشرية من موت محقق.
التعليقات