رغم الانتقادات الكثيرة التي تطال القيادة الفلسطينية في رام الله بسبب خيارها الاستراتيجي بخوض المعارك الديبلوماسية وتفعيل المقاومة الشعبية السلمية في معركة طويلة النفس مع الاحتلال الإسرائيلي، يمكننا اليوم أن نقول أنه وبإجماع الشارع الفلسطيني فإن براجماتية السلطة قد جنبت الضفة الغربية معركة تكسير عظام كانت حكومة يائير لابيد المنتهية ولايتها تنوي خوضها ضد جماعة عرين الأسود.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد قرر الشهر الماضي فرض حصار على نابلس وغلق المعابر المؤدية للمحافظة لمدة 23 يوما في خطوة اعتبرها المحللون وقتها نذير عملية عسكرية شاملة قد يشنها الجيش الإسرائيلي في أي لحظة لاستهداف جماعة عرين الأسود.

وجاء في بيان جيش الإحتلال أن "إغلاق الحركة والطرق إلى مدينة نابلس ومنها، يأتي في إطار رفع وتيرة النشاطات الأمنية في منطقة نابلس".

وهنا سارعت السلطة الفلسطينية بالعمل على جهتين الأولى الضغط عبر الوسطاء الدوليين على تل أبيب، والثاني المسارعة لإبرام اتفاق مع مقاومي "عرين الأسود" لتسليم أسلحتهم للأمن الفلسطيني والعمل فيه، مقابل وقف ملاحقة الاحتلال لهم.

المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة تحدث عن مساندة شعبية لقرار السلطة الفلسطينية التفاوض مع مقاومي عرين الأسود للتوصل لحل يعيد الوضع الميداني الى حاله الطبيعي، مؤكدا أنه على خلاف ما يشاع فإن قرارات القيادة الفلسطينية في علاقة بالتطورات الميدانية تحظى بتأييد الشارع الفلسطيني الذي لا يريد حاليا الدخول في مواجهة عسكرية مع جيش إسرائيلي مدجج بالسلاح.

وأضاف سوالمة أن تحرك القيادة الفلسطينية في الوقت المناسب قد جنب مدينة نابلس سيناريو عملية عسكرية اسرائيلية واسعة المدى، كانت ستنتهي بكارثة انسانية وخسائر بالجملة على كل المستويات.

وجدير بالذكر هنا أن مصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي الشهر الماضي على قرار يقضي بالسماح لجيشه باستخدام طائرات دون طيار مُسلّحة لتنفيذ عمليات اغتيال بالضفة الغربية بعد سنوات من تجميد استخدامها كان بمثابة الاشارة لنوايا إسرائيل لتنفيذ عدة عمليات داخل الضفة.

أخيراً وليس آخراً للبراجماتية السياسية اشكال عديدة، ولكن الأهم هو كيفية اتباع شكل يجنبك الخسائر، ويمنحك أكبر قدر ممكن من الأرباح، وبالمقارنة بين طريقة تعامل كل من حركة فتح في الضفة الغربية وحركة حماس في قطاع غزة يتضح شرح كلامنا.