دومًا ما أتساءل ما فائدة الحب دون أفعال تؤكده؟ ما علاقة الحب بالاحتمال وجهاد النفس؟ هل الحب فعل مريح وسهل وبسيط ومليء بالمميزات؟.
بعد خبرة ليست كبيرة وكذلك ليست صغيرة بالحياة، اكتشفت أن "الحب" فعل شديد الصعوبة، والحب هنا لا أعني به العلاقة بين الرجل والمرأة وإنما المفهوم الشامل "للحب".
العادي في تصورنا الغير واقعي أن تحب والديك "الأب والأم" لكن هل تحبهم رغم كبر سنهم وكونهم "مملين" بعض الشيء و "عصبيين" جدا في أحيان كثيرة، وربما يعانوا من أمراض عضال كالسرطان أو الألزهايمر وغيرها من أمراض الشيخوخة.
هنا يقع الحب الفطري كما يقولون على المحك، ويتبقي جهاد النفس لممارسة الحب في سلوكيات واضحة تجاه أولئك الآباء. في تلك الحالة يمكن جدًا هنا أن تبدأ في التفكير في أن أبائك أرتكبوا أخطاء في حقك ،وأنت صغير وربما لا تجد سببًا وجهيًا لرعايتهم من واقع شعورك بالألم تجاههم؟ مستقبلك وحياتك.
ربما زواجك قد يحتاج منك التضحية برعاية أهلك في شيخوختهم، هل ستكون قادر على دفع فاتورة التوازن بين أبائك وحياتك أم ستفضل التضحية بالآباء باعتبارهم الماضي.
كل ذلك يتطلب جهاد لممارسة "الحب" ذلك الفعل المُكلف والمعقد.
هل يعنى "الحب" ألا نختلف مطلقًا مع من نحب؟ لأي مدى ينجح جهاد النفس والاحتمال في تخطى الخلاف وربما الاختلاف، والتسامح الحقيقي من داخل القلب والعقل والنفس.
أظن ذلك أمر شديد الصعوبة فيه الإنسان يواجه ضعفات نفسه وكبريائه وكرامته في كثير من الأحيان.
أمر صعب لا أعرف صفات القادرين على القيام به، لكن متأكدة من كونهم أبطال حقيقيين في نادي الإنسانية الغير مثالى.
الأسئلة تلك جميعها دارت بذهني وتداولتها مع سيدة عائدة من دفن امرأة تخطت الثمانين، ظنت- الراحلة -أن الأبناء هم السند وقت الكبر والعجز، ورغم العمر والحب أو العطاء اللا محدود لكل أبن على حدى إلا أنها ماتت وحيدة كمن لم تنجب.. ماتت بدار لرعاية الكبار رغم إنها لم تكن تعانى خللا ذهنيًا تحتاج فيه للإحتجاز بدار رعاية.
ماتت بعد 40 يوم من ترك الجميع من أبنائها لها بدار الرعاية وللتمعن في عزلها عن الحياة منعوا زيارة من يريد زيارتها من أقاربها وكأنها سجينة أو عار يخشون أن يراه أحد .
ماتت وأحد أبنائها على غضب معها لم يتداوى.. ماتت وتركت الحياة وتلك ليست المفاجأة وإنما هو الأمر المتوقع الطبيعي إنما المفاجأة البكاء والندم من أبنائها، لكن ما فائدة الندم بعد العدم؟ لا شيء.
أشعر بكثير من المشاعر تجاه تلك الراحلة ليس من بينها الحزن، حيث أننى أؤمن أنها الأن بعالم جديد وسط الأهل والأحبه في حضره الله.
لكننى أدعو وأتمنى من كل فرد أن يُدرك جيدًا أن الحب فعل وجهاد وتخلي عن أمراض الذات.. حاول أن تمارس الحب كما يحبك الله بسقطاتك قبل نجاحاتك.
فبعد الوصول للمقبرة لا قدرة على ممارسة الحب تجاه من نحب.
فالعالم الأخر لا مجال فيه للمشاعر وجهادها كما أن الورد على المقابر هو لدعم مشاعر الأحياء وليس من أصبحوا ترابًا داخل قبورهم.
" شكة "
** نقص الحب دومًا ما يتبعه نقص في التربية.
** لن تحاسب عن أخطاء أو نجاحات غيرك، فلما تنشغل؟
التعليقات