من أبرز سمات ومميزات العصر الحديث هو إن أي نظام سياسي في العالم وعندما يتعرض لأحداث وتطورات عاصفة غير متوقعة بحيث تهزه بعنف، هو إن هذا النظام يبادر من فوره للقيام بسلسلة إجراءات نوعية من أجل مواجهة الحالة أو الحالات السلبية التي تسببت بتلك الاحداث والتطورات وسد تلك الثغرة أو الثغرات، لکن لو قمنا بسحب ما قد سردنا ذکره آنفا على النظام القائم في إيران، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة يمکن إعتبارها فريدة من نوعها وليس لها من نظير حتى مع الانظمة الدکتاتورية.
العالم کله تابع عن کثب مواجهة النظام الايراني لأربعة إنتفاضات عارمة في الاعوام 2009 و2017 و2019 وإنتفاضة 2022، التي لا زالت مستمرة لحد الان، لکن الذي لفت النظر کثيرا هو إن النظام قد قام بمواجهة الاحداث والتطورات التي تداعت عن هذه الانتفاضات بأساليب يغلب عليها الترقيع بما يخدم بقاء وإستمرار النظام والمحافظة عليه وليس السعي الجاد من أجل البحث عن الاسباب والعوامل التي وقفت خلف إندلاع تلك الانتفاضات ومعالجتها، بل إن الذي قام به هذا النظام يمکن وصفه بنوع من الهروب للأمام وتجاهل أصل المشکلة والإنشغال بأمور ليست لها من أية علاقة بالموضوع.
عند البحث والتقصي عن الاسباب التي کانت وراء إندلاع الانتفاضات الاربعة، فإننا نجدها تنحصر فيما يلي:
ـ رفض الافکار والمفاهيم المتطرفة التي تمنح النظام المبرر لمصادرة الحريات وتضييق الخناق على الشعب.
ـ رفض أية أفکار ومفاهيم وقيم خارج إطار أفکار ومفاهيم وقيم النظام وإعتبار أية أفکار ومفاهيم مختلفة عن تلك التي يدعو إليها النظام بمثابة مٶامرة على النظام تستوجب المحاکمة والتخوين!
ـ معاداة المرأة وکراهيتها والنظر إليها والتعامل ککائن وعنصر ثانوي بسبب جنسها والحط من کرامتها وإعتبارها الانساني، وإن المضايقات التي تعرضت لها المرأة الايرانية والتي تجسدت إحدی حالاتها فقط فيما تعرضت له الشابة الکردية مهسا أميني، قد عکست عقلية النظام من حيث النظر والتعامل مع المرأة.
ـ الاوضاع الاقتصادية والمعيشية بالغة السوء بسبب إن النظام قد منح الاولوية من أجل تحقيق أهدافه وغاياته الخاصة – من أهمها مشاریع التسلح النووي، تمویل وتسلیح وتدریب المیلیشیات النیبابیة، والصواریخ البالستیة والمسیرات... وهذا ما قد تسبب بجعل أکثر من 70% من الشعب الايراني يعيشون تحت خط الفقر.
ـ بسبب من النهج المشبوه للنظام والمبني على أساس نظرية ولاية الفقيه المتطرفة وما ترتب ويترتب عنها من إنتهاکات حقوق الانسان وأحکام الاعدمات التي يجري تنفيذ العديد منها أمام الملأ والنشاطات الارهابية للنظام، وبرامجه النووية والصاروخية فقد أصبح هذا النظام مکروها ومعزولا عن العالم.
لکن السٶال المهم الذي يجب طرحه هنا هو؛ هل إن النظام الايراني قد قام بتغيير أي من هذه الامور التي ذکرناها والتي تقف کأسباب وعوامل وراء إندلاع الانتفاضات؟ الحقيقة إن الاجابة بالنفي القاطع، إذ أن النظام إکتفى دائما بالترقيع وتحاشى أي معالجة وتعامل جاد لأنه يعلم بأن ذلك سيمس الرکائز الاساسية التي يقوم عليها وهي: قمع الشعب الايراني وتصدير التطرف والارهاب والسعي من أجل الحصول علب أسلحة الدمار الشامل، لکن الشعب الايراني يريد التغيير الجذري بإسقاط النظام وقيام جمهورية ديمقراطية وليس ترقيعا يخدم النظام ويساهم في بقائه وإستمراره!
التعليقات