يشهد السودان أزمة سياسية وأمنية خطيرة انعكست على الوضع الإنساني في البلد الذي يشهد صراعا دمويا بين الجيس السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من أربعة أسابيع، ولاشك أن هذا الوضع أجبر الكثير من السودانيين من الهرب إلى دول الجوار بحثا عن الأمن والآمان بعدما أصبح هذا الشعب مهددا بالموت كل يوم نتيجة هذا الصراع، وللأسف الشديد وجد السودانيون أنفسهم قاب قوسين أو أدنى من التشرد واللجوء إلى هذا البلد أو ذاك مع التأكيد على عدم فتح بعض الدول لحدودها لاستقبالهم أو تتوجس بعضها وتتردد أخرى نتيجة الأوضاع الإقتصادية والمشاكل والأزمات التي تعاني منها دول الجوار وعدم قدرتها على استعاب هذه الأزمة.

السعودية منارة العمل الإنساني
لم تتوان المملكة العربية السعودية أو تتقاعس يوما لخدمة القضايا الإنسانية عبر قيادتها الحكيمة، بل كانت دائما وأبدا السباقة لتقديم كل أنواع المساعدات الإنسانية والإغاثية المطلوبة في أزمنة الحروب والأزمات والنكبات، وإن المأساة الإنسانية السودانية دفعت المملكة إلى التحرك الإنساني السريع عبر توجيهات الملك سلمان بن عبد عزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لمركز الملك سلمان للإغاثة بتقديم مساعدات بقيمة 100 مليون دولار، ناهيك عن حملة شعبية عبر منصة "ساهم" لجمع التبرعات اللازمة للشعب السوداني المنكوب لتوفير الأدوية الضرورية والمواد الغذائية ومقومات المعيشة في محاولة للتخفيف من وطأة الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، وزادت الوضع تأزما وتسببت في تعطيل سبل الحياة وعمل المستشفيات وقطع خدمات الاتصالات والكهرباء، كما أودت بحياة المئات من الأبرياء وسقوط عدد كبير من الجرحى ونزوح الآلاف منهم.

اتفاق جدة.. الجانب الإنساني على سلم الأولويات
في خضم تصاعد الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تسعى المملكة العربية السعودية إلى بحث السبل السلمية والدبلوماسية لوضع حد لهذا الصراع، وما اتفاق جدة إلا مبادرة تؤكد حرص المملكة على استقرار السودان وحماية المدنيين في مرحلة أولية قبل أي محادثات سياسية يبدو أنه من المبكر الحديث عنها حاليا، فالأولوية في هذا الاتفاق تتركز على الوضع الإنساني وضمان الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، ووقف إطلاق النار قصير المدى بما يسمح ويسهل وصول المساعدات الإنسانية واتخاذ التدابير اللازمة التي تضمن الالتزام بالمبادرة السعودية التي وقع عليها كل من وفدي قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

صحيح أن اتفاق جدة هو مبادرة أولية تشكر المملكة عليها، لكن الوضع الأمني الخطير في السودان بحاجة إلى محاولة لجمع أطراف النزاع على طاولة حوار نأمل أن ترعاها السعودية في الأيام المقبلة لوقف هذا النزيف وإنقاذ البلد من الانهيار.