من المألوف والشائع والوارد أن تقوم الانظمة الدكتاتورية المٶمنة بالممارسات القمعية من إعتقالات تعسفية وسجون وأساليب تعذيب وإعدامات ضد شعوبها، أن تلجأ الى ممارسة الكذب والتمويه والخداع وقلب الحقائق بطرق وأساليب تضفي عليها شيئا من المنطق والواقعية حتى تكون مقبولة ويمكن تصديقها ولو بنسبة قليلة جدا، لكن أن يقوم نظام دكتاتوري باللجوء الى طرق وأساليب تمويهية غير إعتيادية بالمرة بحيث تتجاوز العقل والمنطق كما فعل ويفعل النظام الحاكم في إيران، فإن ذلك أمر يجب أخذه بنظر الاعتبار والاهمية خصوصا وإن هذه الطرق والاساليب لا نجد لها من نظير إلا في العصور القديمة والوسطى على أفضل تقدير.

نظام واجه 4 إنتفاضات شعبية عارمة كانت آخرها إنتفاضة 16 سبتمبر 2022، وتم توجيه 69 قرار إدانة دولية له لإرتكابه إنتهاكات في مجال حقوق الانسان، وإرتكب مجازر دموية نظير تلك التي إرتكبها بحق الاكراد في مدينة سنندج وتلك التي إرتكبها بحق الالاف من السجناء السياسيين في صيف عام 1988، هذا النظام الذي يشكك في عدالة القضاء الاوربي (البلجيكي والسويدي بشكل خاص)، ويطرح نفسه كمثال وكقدوة للانسانية في عصر التقدم العلمي المذهل وعصر حقوق الانسان والمرأة، هذا النظام الذي يقوم بتخوين كل نشاط معادي له حتى وإن كان يشمل معظم المحافظات الايرانية ويشارك فيه معظم شرائح الشعب ومكوناته، ويعتبره مسيرا من الخارج، يريد بعد الانتفاضة الاخيرة التي فضحته شر فضيحة أمام العالم كله، أن يقنع العالم بأنه نظام مثالي ويمثل الشعب الايراني ولكن هناك من يجعل الشعب خارج طوعه وإرادته ولذلك يجب مساعدته والتعاون معه من أجل قطع دابر من يدفع الشعب لمعارضته!

النظام الايراني وعلى لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، وكرد فعل على المٶتمر الاخير الذي أقامه المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بمناسبة الذكرى السنوية الاولى لإنتفاضة 16 سبتمبر 2022، وكما نقلت وكالة أنباء "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري، كتب على صفحته في موقع "اكس" (تويتر سابقا): "نظرا الى الجرائم والاغتيالات الخطيرة التي تقوم بها جماعة مجاهدي خلق الإرهابية ضد الشعب الإيراني وطبيعتها الخادعة، والتي اعترفت بها مؤسسات مثل البرلمان الأوروبي، فكيف يمكن للحكومة البلجيكية، التي تزعم مكافحة الإرهاب، أن توفر لمتزعمة هذه الزمرة منصة في داخل أراضيها؟".

هذا الكلام لا يتحدث عن الماضي وإنما عن الحاضر وحتى يلمح للمستقبل أيضا، وهو هنا وكما يبدو واضحا يطرح نفسه كمدافع هصور للشعب الايراني ضد "الجرائم والإغتيالات الخطيرة" التي ترتكبها مجاهدي خلق بحق الشعب الايراني!! وبحسب هذا الاتهام فإننا يجب أن نعتبر إنتفاضة 16 سبتمبر 2022، نشاط غير شعبي وغير مضاد للنظام، لأن النظام هو أساسا يحمي الشعب ويدافع عنه ضد أعدائه، ولذلك فإن على الحكومة البلجيكية تحديدا والدول الاوربية الاخرى أن لا تسمح لأي نشاط لمجاهدي خلق بل وحتى أن تقوم بإعتقالهم وتسليمهم للنظام، بطبيعة الحال يجب على بلدان العالم كلها أن لا تتناسى فقط بل وحتى تلغي معظم القرارات الصادرة ضد هذا النظام في مجال إنتهاكات حقوق الانسان!!

نظام الملالي نفسه یعرف جیدًا بان هذه التخرصات لا تنطلی علی أحد لا في داخل إیران ولا خارجها لكنه یعیش في مأزق ممیت لا یجد لنفسه سبیلا سوی الهروب إلی الأمام من خلال محاولات یائسة آنفة الذكر بل لانه یجد ویشاهد خطوات تخطو تلو الأخری في إوساط دولیة معنیة بمتابعة الجرائم ضد الإنسانیة‌ وجرائم الإبادة لتجعل النظام ومرشده وكبار جلادیه أمام المحاكم الدولیة المختصة عاجلاً ام آجلا... فبذلك یتصرف كلص سرعان ما فضح امره للناس یبدأ بالركض وهو یصرخ "الحقوا بالسارق الهارب"!!.