استمرار حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد شعبنا في قطاع غزة لليوم 66 على التوالي، حيث تجمع التقارير الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة وممثليه والمفوض العام للأونروا والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية كافة على أنَّ النظام العام والإنساني في انهيار كامل ومتسارع ووشيك، مع استمرار مجازر الاحتلال وانعدام الخدمات الإنسانية الأساسية، وانتشار الأمراض والأوبئة ونزوح المواطنين المتواصل من الموت إلى الموت، في ظل إعداد غير مسبوقة من الشهداء والمصابين والجرحى والمفقودين تحت الأنقاض وحجم دمار هائل يطال الأبنية والمؤسسات كافة، وفي مقدمتها المستشفيات ومدارس الإيواء، خاصة في شمال ووسط قطاع غزة، بما يؤكد الانهيار التام للوضع الإنساني الذي بات يتجاوز كلّ التوقعات والحدود.
المطالبات والمناشدات الدولية لدولة الاحتلال لحماية المدنيين وتجنيبهم دوائر الحرب القاتلة لا تجدي نفعاً، ولا تجد آذاناً صاغية من قبل أركان الحرب الإسرائيليين، الذين يعمقون يوماً بعد يوم جرائم الإبادة الجماعية، لتشمل جميع أنحاء قطاع غزة. مدينة رفح على سبيل المثال أصبحت شاهدة على المأساة الإنسانية والمدينة الأكثر كثافة سكانية في العالم على الإطلاق في ظل انعدام مقومات حقيقية للحياة الإنسانية فيها.
الولايات المتحدة عملت على رفض قرار مجلس الأمن، واستخدمت حق الفيتو، وبالتالي يجب العمل على محاسبة الإدارة الأميركيَّة بصفتها تحمي الاحتلال وتقوم بتزويده بالسلاح، وهي تعد جزءاً من الهجوم الذي يُشن ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وفي الضفة الغربية.
وليس من المعروف كم عدد الفلسطينيين الذين يجب أن يفقدوا أرواحهم حتى يتم توقف العدوان والاعتداء على الشعب الفلسطيني، في حين أنَّ حكومة التطرف القمعية لن تحقق أياً من أهداف عدوانها، وإنما تسعى للانتقام، حيث بلغ عدد الشهداء 17,975 شهيداً وأكثر من 51 ألف جريح منذ بدء العدوان على غزة والضفة، معظمهم من الأطفال والنساء. وبالتالي، فإنَّ حجم القتل غير مسبوق، ولا يمكن استمرار حالة الصمت أمام ظاهرة تجويع المواطنين، في ظل افتقاد مصادر العلاج وعدم توفر الدواء، بينما يتم إغلاق كافة معابر قطاع غزة ولا يسمح بدخول المواد الغذائية وما يلزم من السلع الاستهلاكية التي باتت معدومة من الأسواق وغير متوفرة.
حكومة الاحتلال وجيشها مسؤولان بصفتهما قوة احتلال عن تأمين الكهرباء والماء والأغذية والأدوية لقطاع غزة. وفي الواقع، فإنَّ وزير الطاقة الإسرائيلي هو الذي قام بقطع الكهرباء والماء بما يشمل تدمير المستشفيات وغيرها من المرافق الحيوية، وهذا عمل إجرامي ومحرم بحسب القوانين الدولية ويجب وضع حد لتلك الممارسات الانتقامية.
حكومة التطرف تنتهج استراتيجية التدمير الممنهج لإمكانية تجسيد إقامة الدولة الفلسطينية، من خلال عزل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وتقسيم المناطق الفلسطينية عبر الاستيطان والحواجز والجدران. والمجتمع الدولي لا بد من تحركه العاجل وضرورة الضغط الجاد للوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على شعبنا في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية من خلال كل المعابر وعدم حصرها في معبر رفح البري، ووقف مخططات التهجير القسري واحتلال أجزاء من القطاع لإقامة مناطق عازلة.
المجتمع الدولي مطالب بتحمل المسؤولية الكاملة عن فشله في حماية المدنيين الفلسطينيين ووقف الحرب، ولا بدَّ من أن يبادر مجلس الأمن الدولي إلى اعتماد آلية دولية تلزم إسرائيل باحترام وتطبيق القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين في قطاع غزة، وتوفير احتياجاتهم الإنسانية الأساسية بشكل مستدام.
التعليقات