يستمر تدهور الأوضاع في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 17 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، ونزوح الآلاف من المواطنين من منازلهم التي استهدفتها الطائرات الحربية الإسرائيلية وانهيار القطاع الصحي، وخاصةً مع النقص الحاد في الأدوية وانقطاع الكهرباء بسبب منع دخول الوقود والمستلزمات الطبية، إلى جانب الاستهداف المباشر للمستشفيات والطواقم الطبية والإسعافات.

معاناة شعبنا لا تقتصر على ما يحدث في غزة، حيث تستمر جرائم الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة من قبل المستعمرين، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والاقتحامات المستمرة للمدن والقرى الفلسطينية واعتقال الشبان، عدا عن الإعدامات الميدانية وهدم المنازل. ويشكل قرار استمرار حكومة الاحتلال في حجز أموال المقاصة الفلسطينية، عقاباً جماعياً. إنَّ هذا الإجراء يعد قرصنة لأموال الشعب الفلسطيني وله تبعات خطيرة على الخدمات التي تقدمها الحكومة الفلسطينية إلى القطاعات كافة، وتحديداً قطاع الصحة، الذي أصبح يعاني تراجعاً خطيراً في الخدمات المقدمة إلى أبناء شعبنا، إلى جانب قطاع التعليم ومناحي الحياة كافة. وقرار إسرائيل اقتطاع الأموال المخصصة لغزة بمثابة جريمة حرب.

يجب أن تستمر الحكومة الفلسطينية في تحمل مسؤولياتها كاملة، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وتجسيد الوحدة الخلاقة والتكافل الاجتماعي، واستمرارها بدفع رواتب الشهداء والمعتقلين، والقيام بواجبها في مجالات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء ورواتب العاملين في الحكومة الفلسطينية.

حكومة الاحتلال تعمل على كسر إرادة الشعب الفلسطيني عبر إبادته الجماعية وخنقه اقتصادياً، ولا يمكن لها أن تحقق ذلك. إن كل مؤامرات الاحتلال لن تنال من صمود شعب فلسطين، الذي يتمسك بحقوقه ويسعى إلى تقرير مصيره وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ونستغرب حالة عجز وصمت المجتمع الدولي الرسمي وعجزه عن وقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته في الأرضي الفلسطينية بما يضع في دائرة الشك كل منظومة القانون الدولي.

نستغرب استمرار صمت الإدارة الأميركية وعدم تدخلها لوقف جرائم الاحتلال، ويجب عليها أن تتحرك فوراً وتقوم بإلزام إسرائيل بوقف هذه السياسات والجرائم التي ترتكب ضد كل من هو فلسطيني، لأنها وحدها القادرة على ذلك، كما تتحمل تلك الإدارة مسؤولية مباشرة لدعمها سياسة استمرار الحرب، واقتطاع وسرقة أموال الشعب الفلسطيني، الذي يواجه العدوان والمجاعة والعوز في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.

ولا يمكن استمرار هذه الحرب الانتقامية وصمت مجلس الأمن الدولي على ارتكاب كل هذه الجرائم التي باتت تشجع الاحتلال على استمراره بتنفيذ جرائمه المنظمة بحق أبناء الشعب الفلسطيني ودعمه لحكومة التطرف التي تسفك الدم الفلسطيني بحجة ان إسرائيل تدافع عن نفسها وإن عدم القدرة على محاسبة قادة الاحتلال على هذا الجرائم يعني ضوء أخضر لقوات الاحتلال لاتساع العدوان وبما ينذر بسقوط المزيد من الجرائم والتطهير العرقي.

وفي ظل غياب الموقف الدولي واستمرار عمليات التنكيل وممارسة الإرهاب المنظم واتساع دائرته لا بد من تحرك الاتحاد الأوروبي ودول العالم كافة، بشكل جدي لوقف العدوان والمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي.

تحقيق الأمان والاستقرار في المنطقة يحتاج إلى العمل الجاد لدعم السلام العادل، ومنح شعبنا الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة والتي نصت عليها الشرعيات الدولية، خاصة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والتي يجب أن تكون نقطة البداية وليست نقطة النهاية للعملية السياسية.