لأنها في الأساس موروث ثقافي عفوي، تناقلها الأوّلون قبل أن يدونوها، وتطورت عبر الزمن لِتسرد الصور والمشاعر بأكثر الأساليب الأنيقة، وتدمج الخيال في الواقع لِتُنتج أدباً فريداً من نوعه، فإنا بالتأكيد تتربع على عرش الأدب.

فن القصة بأنواعها تختلف عن الروايات، ولعلها الأصعب من بين بقية الأصناف الأدبية كونها لا تمنح الكاتب فرصة التجلّي في العمل بأريحية، فكل جملة لها هدفها وكل عبارة لها حكمة، وكلمة واحدة قد تُمكن القصة أو تهدمها كاملةً. أما الرواية، فتمنح حرية التصرف في المشاهد والمشاعر، وأخذ الحيز الذي يرغب فيه للتنقّل بالأحداث أينما أراد، لذلك قد تمر الكثير من الفقرات أو العبارات التي لا تخدم الرواية، لكن يحتفظ بها الكاتب لاكتمال العمل من جوانبه المتعددة.

والجدير بالذكر أن كُتاب القصص الناجحة يتمتعون بأساليب الكتابة المُتقدمة، ويوظفون الحدث بالطريقة التي ينتظرها القارئ، ويمتلكون مهارة التقاط المشاهد ونقلها بحكمة. وبعد أن خفت لمعانها، عادت بقوة لتواكب تطورات العصر الحديث وسرعة الحياة، وأصبحت مؤخراً أكثر رواجاً، دليلاً على ذلك نمو المسابقات الأدبية المُختصة بالقصص القصيرة، والتي تمنح المُحترفين والمُبدعين فرصة التحرر من قيود الكتابة التقليدية في الروايات الطويلة، والإبداع ضمن مساحات تُحددها الجهات المعنية في المسابقات.