قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة وقف العدوان على قطاع غزة هو رد واضح وعملي على الفيتو الأميركي ضد مشروع مماثل في مجلس الأمن الجمعة الماضية. لقد باتت معظم دول العالم تدرك أنَّ العدوان يستهدف النيل من الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وتصريحات بنيامين نتانياهو مؤخراً تدلل على ذلك، وفيها أشار إلى أنه يريد إنشاء إدارة مدنية تابعة للاحتلال في قطاع غزة.

ويعدّ هذا القرار مؤشراً على التحولات التي بدأت في الموقف الدولي وحتى الإدارة الأميركية رغم غطائها السياسي ودعمها لدولة الاحتلال، ومن المهم البناء على هذه التحولات على المستوى الدولي بمزيد من الوحدة الفلسطينية، وفي إطار مرجعية تحت مظلة منظمة التحرير، وخاصة بعد تصريحات جزار غزة رئيس وزراء حكومة الاحتلال حول إنشاء إدارة مدنية تتبع للاحتلال في قطاع غزة، حيث يحاول جاهداً إقناع المجتمع الدولي أنَّ اتفاق أوسلو هو السبب في عدوانه على الأراضي الفلسطينية المحتلة، متناسياً أنَّ سياسته هي وراء العدوان.

باتت أهداف نتنياهو أكثر وضوحاً، وهي حصد المزيد من أرواح الأبرياء وتدمير البنى التحتية ومهاجمة الشعب الفلسطيني ومعارضته لاتفاقيات أوسلو واستحقاق قيام الدولة الفلسطينية، وكل ذلك أدخله في خلاف واضح مع الإدارة الأميركية التي باتت توجه إليه الكثير من الانتقادات السلبية.

وما من شك في أنَّ حجم التصويت بالأغلبية لصالح القرار يدلل على مدى الالتفاف الدولي الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، وضرورة تحقيق المطلب الأساسي، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وهناك العديد من التحولات الهامة على الصعيد الدولي، خاصة بعد مرور 68 يوماً على الحرب الانتقامية بحق قطاع غزة.

القرار الصادر عن الجمعية العامة جاء بعد الجهود الدبلوماسية، والذي أكد مجدداً على أهمية وضرورة وقف العدوان، حيث صوتت لصالحه 153 دولة، ويعبر عن التغير في مواقف الدول التي بدأت تتضح أمامها حقيقة ما تقوم به دولة الاحتلال في قطاع غزة من مجازر وإبادة جماعية، بعد أن كانت مخدوعة بالرواية الإسرائيلية في بداية العدوان، ويعد إنجازاً هاماً للغاية للكشف عن طبيعة الجرائم التي ترتكبها حكومة التطرف الإرهابية. ولا بدَّ من مواصلة الضغط الدولي على الاحتلال لوقف ارتكاب المجازر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي ظل تواصل الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، بدأت تتكشف الحقيقة وتراجع الرواية الإسرائيلية ومسلسل الكذب والتزوير وخداع العالم، حيث التعاطف والتكاتف الدوليين من أجل دعم الموقف الفلسطيني والتأكيد على الحقوق الفلسطينية ووضع حد لممارسات الاحتلال من خلال العمل على وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومعالجة آثار العدوان والمجازر الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، والتي خلفت أكثر من 20 ألف شهيد أغلبيتهم من الأطفال والنساء، بينما أصبح، وبفعل الحرب الإسرائيلية وقرارات جيش الاحتلال، أكثر من 1.9 مليون مواطن من النازحين عن منازلهم ومناطق سكناهم، والكثير منهم تعرض للتهجير مرتين أو ثلاث مرات، بينما تتواصل المجازر الوحشية بشكل متصاعد يومياً من قبل جيش الاحتلال. إنَّ استمرار هذه المذبحة والمجازر بحق الأطفال والمدنيين الأبرياء وفشل العالم في تحقيق وقف إطلاق النار، هما إفشال للإنسانية ولحقوق الإنسان، ويجب على المجتمع الدولي العمل على وقف حرب الإبادة والعدوان الإسرائيلي ووضع حد لممارسات جزار غزة وحكومته المتطرفة، وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ووقف التهجير القسري.