مع تأسيس النظام الإيراني القائم على أساس نظرية دينية متشددة، فإن المنطقة عانت وتعاني من مشکلتي التطرف الديني والارهاب، خصوصاً بعد أن تم تأسيس منظمات وميليشيات وأحزاب تابعة لهذا النظام تعمل على أساس مخطط خاص يجعل من تحقيق أهداف وغايات هذا النظام فوق کل اعتبار آخر. والمشکلة المستعصية التي تواجهها دول المنطقة هي أنَّ الطرف الذي يقوم بتنفيذ أجندة مشبوهة وعلى المکشوف للنظام الايراني، هو طرف داخلي لا خارجي، وهو أمر من الضروري الانتباه له، إذ لم يسبق أن شهد التاريخ الحديث أمراً مشابهاً.

المثير للسخرية والاستهزاء أنَّ بعض دول المنطقة، عندما تتحرك ضد العوامل والعناصر المشبوهة، يثير هذا النظام ضجة کبيرة وکأن ثمة جريمة کبيرة يتم إرتکابها بحق هذه العناصر العميلة التي تعبث بالأمن والاستقرار الوطني داخل بلدانها في وضح النهار، لکن في بلدان أخرى مثل العراق ولبنان واليمن وسوريا، فإنَّ الميليشيات التابعة لهذا النظام تمسك بزمام الأمور وتتصرف کأنها صاحبة الأمر، بل حتى إن النظام الايراني طرح ويطرح هذه الاحزاب والميليشيات، وهي نسخ طبق الاصل منه، کبديل للنظام العربي الرسمي القائم في المنطقة.

استخدام النظام الايراني الأحزاب والميليشيات من داخل دول المنطقة وضد أمن واستقرار هذه الدول، سابقة فريدة ومن الغريب أن تبقى هذه الظاهرة بهذه الصورة لصالح إيران، وسط عدم تحرك دول المنطقة بالشكل الذي يضع حداً لهذا الإخلال والعبث المرفوض والصارخ بالأمن القومي والاجتماعي، ونرى ضرورة العمل بالمثل من أجل وضع حد لهذا الأمر من خلال إشراك العنصر الإيراني في هذه الحالة السلبية الجارية، وتعديلها بما يخدم الأمن القومي للدول.

من أجل مواجهة النظام الايراني الذي أسس أحزاباً وميليشيات عميلة تابعة له في بلدان المنطقة، فإنَّ الرد لا يقتضي بالضرورة مبادلته بالمثل داخل إيران إطلاقاً، ذلك أن العنصر الإيراني المطلوب موجود فعلاً، وبات یواجه النظام ویکافحه لأکثر من اثنین وأربعین عامًا لأهداف وطنیة، وبإمکانه أن يخدم معادلة الصراع ضد نفوذ النظام الايراني في المنطقة ويرد الکيد إلى نحره، ونقصد بذلك منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، التي تشکل صداعاً مزمناً لملالي إيران وتعتبر الخطر والتهديد الفکري ـ السياسي الأکبر بوجه هذا النظام، والخطوة الأولى التي يجب اتخاذها هنا هي الاعتراف الرسمي بهذه المنظمة من جانب الدول المنطقة وفتح مکاتب لها.

وعندما ندعو لإشراك المعارضة الإيرانية في المواجهة ضد النفوذ الايراني، فإننا نعلم ما مثلته وتمثله هذه المنظمة للنظام الإيراني، وکيف تعتبر قوة ضغط سياسية على النظام، ولهذه المعارضة تأثير وتواجد ودور مؤثر وفعال داخل إيران، يتجسد بأنصع صوره في الانتفاضات بوجه النظام، خصوصاً الأخيرة منها. هذه الدعوة ليست عرضية أو عاطفية، وإنما تستمد ضرورتها الملحة من قاعدة "العين بالعين والسن بالسن"، والخطوة الأولى تکمن في الاعتراف بالمنظمة من جانب بلدان المنطقة، واعتبارها تمثل الشعب الإيراني وتعبر عنه، ومنحها المکانة والحظوة التي تتناسب مع الحظوة التي منحها ويمنحها النظام الإيراني للأحزاب والميليشيات التابعة له والعاملة في بلدان المنطقة کخناجر مسمومة ضد شعوبها وبلدانها. ومن المهم أيضاً أن تعمل بلدان المنطقة لإقناع المجتمع الدولي بتبني الموقف ذاته تجاه النظام الإيراني، لناحية الاعتراف بالمعارضة الإيرانية، وقطعاً سيساهم موقف إقليمي ودولي مماثل بحدوث الزلزال السياسي الکبير في إيران، والذي سيجعل من نظام ولاية الفقيه أثراً بعد عين!