أكثر من 40 عاماً من الشعارات المخادعة واستعراض المراجل، منها 20 عاماً والعراق بأيديهم والميادين ما شاء الله واسعة ومتاحة نحو فلسطين سواء من سوريا أو من لبنان، والعراق ومقدراته وكل ما يملك اليوم في أيديهم، يمكنهم استخدامه كخطوط خلفية لأجل القدس كما استخدموه ومقدراته من أجل قمع الأبرياء العزل من أبناء الشعب السوري المنتفض، ولو أرادوا بحسب ادعاءاتهم أنَّ صواريخهم قادرة على الوصول حتى إلى المريخ، لكنها لا تعرف طريقها إلى القدس وعموم فلسطين المحتلة، وإن كانت تعرف الطريق إلى باكستان وسوريا والعراق، عراق اليوم وليس عراق الأمس؛ كل هذه القدرات وهذه الشعارات والادعاءات لكنهم لم يفعلوها ولن يفعلوا، حتى لو مكنتهم من كل شبر يحيط بفلسطين، وبالتالي فإن استهدافهم الأردن وشعبه ليس من أجل فلسطين، وإنما من أجل أطماع توسعية.

أهلكنا الجار بشعاراته التي لم نرَ من ورائها إلا دماً ومخدرات وسلاحاً وفتكاً بالبنية الاجتماعية وفتنة بين المُتحابين منذ آلاف السنين، وحرائق تهلك محاصيل خبز الجياع وكد الكادحين الذين ينتظرون حصاد كدهم وجهدهم، وتسميم مزارع الأسماك وضرب الأسواق، وحرب العملات واستنزاف الاقتصاد. عجيبٌ هذا الجار الذي ينطبق عليه المثل القائل "كلام الليل يمحوه النهار"، فوالله الذي لا إله إلا هو، لو لهذا الجار ذرة من كرامة وصدق في شعاراته نسبياً بشأن رفع المظالم هنا وهناك وحول الجحيم الذي أنزله ويُنزله على العراق وشعبه منذ أكثر من عقدين من الزمن إلى فلسطين المُحتلة لأصبحت حرة مستقلة في غضون أشهر. لكن رفع المظالم عن فلسطين بحسب أفلاطونيات أفاعي طهران لا تتم إلا بالاعتداء على الجيران، ومع ادعاءاتهم بقداسة العراق استناداً لهويته التاريخية، إلا أنَّ ذلك لم يردعهم على الإطلاق، ولن يرتدعوا ما لم يُصبح العراق ضيعة لهم، عندها تتحول هذه الضيعة إلى مالك ومملوك عليه كامل الطاعة، وقد تتحرر بعدها فلسطين والعقبة اليوم تحريرها هي تركيع العراقيين وعقد بملكية العراق ليبتلعوا بعدها جزءاً من الأردن ويحرروا فلسطين من الفلسطينيين ويسلمونها لأحبائهم الصهاينة كما فعلوا بغزة وما تبقى من الأردن يُضاف إلى الأرض المُحررة من الفلسطينيين... هنا تكون فلسطين قد تحررت وفق ذاك المنطق الكهنوتي القائم بالبغي في إيران السليبة والنجف بالعراق.

لا ينبغي على أصحاب القدرات والصواريخ البالستية وبعد غدٍ نووية أن يستمروا على لغة الخطابات الجوفاء والشعارات والمزايدات والادعاءات، تلك التي أكل عليها الدهر وشرِب حتى بات أطفال يسمون صواريخهم ودباباتهم فقاعات وجعجعة ألسُن وهراء، ومن المفترض عليهم اليوم أن يغسلوا سوءاتهم ويتخطوا زماناً لم يشملهم بالستر ولم يستروا أنفسهم فيه، أي أنه من المنطق أن تتحول الفقاعة بعد فترة إلى بالون والبالون يصبح منطاداً وبعد عقود صواريخ تحمل على الأقل رسائل بعد تلك الفضائح المتراكمة، عندها قد يشهد لنا التاريخ وأحداث الزمان أننا صحيح مزارع أقوال لكن أيضاً لا نخلو من أفعال، وها قد أطلقنا صواريخنا، لكن تبين أنها خائنة عميلة أوصلت الرسالة لكنها لم تنفجر... لم تقتل عصفوراً صهيونياً ولم تمس الهواء المار بالقواعد الأميركية بأذى.

للإسلام قيم وأخلاق وثوابت، من خرج عنها خرج عن الإسلام والعياذ بالله، ومن لم يلتزم بحديث رسول الله (ص) المُسلم من سلم الناس من لسانه ويده فليس بمسلم، وقوله (ص) لا زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، لكن المؤلم اليوم هو ما وقع على الأمة من بلاء... ابتليت أمتنا بكثرة المُدعين والمخادعين باسم الله وبرداء الدين وعلى رأسهم نظام الملالي الحاكم في إيران من خلال مدرسته الفكرية التي لم نسلم من لسانها وميليشياته التي لم نسلم من أفعالها وجرائمها، ومن خلال تدخله المباشر في شؤون الدول العربية، وباعترافهم الفج أنهم يحتلون أربع عواصم عربية! ونتساءل هل انضبطوا بهذين الحديثين الشريفين... أو بأيٍ قيم من الإسلام؟ بالطبع لا، ولم نرَ الإسلام فيهم ولا حتى قيم الحضارات والإنسانية، ولم نسلم لا نحن ولا كافة دول وشعوب المنطقة من أذاهم ومؤامراتهم التي تقضي بالتمهيد لشكلٍ جديد من أشكال الهيمنة بالمنطقة يتقاسمها نظام الملالي مع الغرب والصهاينة، لكل مساحته ومصالحه.

من منا لا يريد تحرير فلسطين ولا يريد أن يعيش ساعة من النعيم في رحاب المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة أو يتنشق هواء الخليل ويُمضي ساعات أو دقائق في تلك البقعة المقدسة بمدينة خليل الله إبراهيم، من منا لا يريد أن يرى أشقاءه الفلسطينيين أحراراً معززين مكرمين وأن يعود الأمان والاستقرار للمنطقة... أما الحقيقة فإن رفع المظالم لا يمكن أن يكون بالاعتداء على دول الجوار وانتهاك القيم والمواثيق والأعراف الدولية أو من خلال الشعارات الكاذبة والخداع والاحتيال والمغامرة بأرواح الأبرياء في غزة والمنطقة، ولا شيء يبرر عدوان جار السوء أفاعي السلطان في إيران على جيرانهم سوى أنه كيان عدائي بفطرة تكوينه... أنقذوا فلسطين وأهلها ودولكم وشعوبكم من عبث الملالي فإنهم لا يشبهون شعاراتهم.