منذ 44 عاماً ونظام الحکم القائم في طهران، والذي يعتمد على توظيف الدين من أجل تحقيق أهدافه ومراميه، يستغل أفظع الطرق وأکثرها قسوة من أجل إحکام سيطرته على الشعب الإيراني وضمان استمرار حکمه القمعي الاستبدادي، کما أنه يقوم باستخدام العامل الديني أيضاً، لا سيما من الناحية الطائفية، من أجل ضمان بقاء واستمرار نفوذه في بلدان المنطقة. وبالرغم من الانتقادات والإدانات الدولية المتزايدة والمتصاعدة بحقه، لا سيما بعد أن وصل عدد القرارات الدولية التي تدينه إلى 70 قرار إدانة دولية لانتهاکاته الصارخة لحقوق الانسان، لم يرتدع عن ممارسة نهجه هذا أو يکف عنه، ويتمادى أکثر فأكثر بما يمکن أن نصفه بأنه تحد ليس للإرادة الدولية فقط، وإنَّما للمبادئ والقيم الإنسانية والحضارية، وقد صار مٶکداً للدول التي راهنت على إمکانية إعادة تأهيل هذا النظام وجعله عضواً إيجابياً وفاعلاً في المجتمع الدولي من خلال مسايرته ومماشاته، أن لا فائدة ترتجى من ذلك، والقناعة بأن هذه المحاولات عقيمة بعد افتضاح دوره المشبوه في إثارة الحروب، وبشکل خاص دوره الحالي المشبوه في الحرب المدمرة الجارية في غزة.
إقرأ أيضاً: إيران وفشل نظرية ولاية الفقيه
إنَّ تمادي هذا النظام وإيغاله في ممارساته القمعية وفي نهجه المشبوه بتصدير التطرف الديني والإرهاب إلى دول المنطقة والعالم، وتمسکه ببرنامجه النووي والعسکري وببرامجه التسليحية المثيرة للقلق، أثر ويٶثر سلباً على السلام والأمن والاستقرار، ويوفر الأرضية والمناخ المناسبين لنشوء وبروز المزيد من التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية، والتي لها علاقة بصورة أو بأخرى بهذا النظام. لذلك، فإنَّ المجتمع الدولي بدأ ينتبه إلى خطورة هذا الأمر، خصوصاً بعد أن بدأت تصريحات ومواقف تظهر هنا وهناك تؤکد أنَّ النظام الإيراني هو أکبر راع للإرهاب في العالم؛ کيف لا وهو يمثل بؤرة التطرف الديني والإرهاب، ويمسك بزمام أمر هذه الظاهرة المعادية للإنسانية، والمهم والملفت للنظر هنا، أنَّ القناعات التي انتهى إليها المجتمع الدولي ذات خطوط أساسية تطرحها حالياً وسبق أن طرحتها المعارضة الرئيسية في إيران والمتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ورکزت عليها طوال العقود الأربعة المنصرمة، لا سيما خلال التجمعات السنوية العامة لها.
إقرأ أيضاً: الرأس وليس أذرع الأخطبوط
إنَّ الترکيز الدولي على نشاطات وتحرکات هذا النظام من خلال الاجتماعات والمؤتمرات والجلسات الهامة التي عقدت وتعقد في العديد من المحافل الدولية الهامة، وتجديد العقوبات الدولية ضده، ليس له أي معنى أو تفسير سوى أن المجتمع الدولي بات يسأم من هذا النظام، وأنَّ صبره قد نفد بعد أن جرب معظم الطرق معه، وثبت أنَّها لا تنفع جميعها، باستثناء طريقة واحدة وهي استخدام أسلوب ونهج الحزم والصرامة، فهي اللغة والطريقة الوحيدة التي يفهمها وتجدي معه نفعاً في نفس الوقت. هذه القناعة التي خلص المجتمع الدولي إليها هي أيضاً من الأمور الأساسية التي أکدت عليها زعيمة المعارضة الإيرانية، مريم رجوي، التي تصر دائماً على التأكيد أنَّ "نظام الملالي لا يفهم ولا يفقه سوى لغة الحزم والصرامة"، وأنَّ استخدام هذه اللغة کفيل بحل کافة الإشکالات معه، ومن دون أدنى شك فإن المجتمع الدولي قد اقتنع تماماً بأنَّ العالم لن يکون آمناً طالما بقي هذا النظام في سدة الحکم في إيران.
التعليقات