لم يظهر حتى اللحظة بديل للنظام الديمقراطي في المجتمع البشري، بالرغم من عيوبه الكثيرة. في العصور القديمة، جربت البشرية العديد من أنظمة الحكم المختلفة، لكن جميعها فشلت في تحقيق العدالة والحرية للمجتمع. لذا، أصبحت الديمقراطية الخيار الأخير في نظام الحكم البشري. بالرغم من أنها محدودة في بعض الدول، يتطلع شعوب العالم إليها كنظام للحكم. أصبحت حلمًا للشعوب التي تعاني تحت نير الحكم الشمولي، خاصة بعد انهيار دول الشيوعية وكشف فسادها، وتراجع الحكم الثيقراطي وشموليته، بما في ذلك أحزابه الدينية.

تأسيس أو نجاح الديمقراطية في أي دولة يتوقف على العديد من الشروط. أولها وجود بنية ثقافية سياسية، ونظام تعليم وصحافة حرة، ومنظمات مجتمع مدني. العديد من الدول النامية تفتقر إلى هذه الشروط، وبالتالي لم تنجح في تأسيس نظام ديمقراطي فيها. يعود السبب في ذلك إلى ضعف هذه البنية الفوقية اللازمة لنجاح الديمقراطية.

يمكن رؤية التراجع والتحول السهل لهذه الدول إلى نظام شمولي، وفشل الأمم في تحقيق هذا الحلم المنشود. العائق الأكبر أمام نجاح الديمقراطية يعود إلى فقدان ثقافة قبول الآخر وحق الاختلاف، وتعدد العقبات الأخرى تعود إلى العادات القبلية والاعتقادات الجذورية في النفوس.

بالنسبة إلى إشكالية النظام الديمقراطي، فإنها تتمثل في نظامه القضائي. في الديمقراطية، يتم تعيين القضاة من قبل السلطة التنفيذية، مما يجعل القضاء تابعًا للحكومة ويفقد كثيرًا من استقلاليته. في العديد من القضايا السياسية والدستورية، يظهر انحياز القضاء لصالح السلطة التنفيذية. هذا مثلما نشهده الآن في المحكمة الدستورية العليا في العراق، حيث يبدي القضاة انحيازًا تجاه الحكومة الاتحادية على حساب الإقليم الكردي.

بتقديري، الحل الوحيد لهذه المشكلة في نظام الحكم الديمقراطي هو انتخاب القضاة مباشرة من قبل الشعب، وليس تعيينهم من قبل الحكومة.