يصادف الثامن من آذار (مارس) من كل عام اليوم العالمي للمرأة وهو يوم يكرم فيه النظام العالمي المرأة على طريقته، ولنا أيضاً أن نكرم المرأة على طريقتنا بعيداً عن الشعارات الفضفاضة والتمييز بين إمرأة شرقية ذات اعتبار ما وإمرأة غربية لها كل الاعتبار، والحق الذي يجب أن يكون هو أن المساواة التي ينادي بها العالم قبل الدخول في مشروع النداء بحقوق المرأة من المفترض أن يبدأ بالمساواة بين الإنسان في شرق الأرض أو مغاربها، ومن هنا ستتساوى النظرة لحقوق هذه أو تلك المرأة... ولو أن معاناة المرأة الإيرانية كانت لامرأة يكترث الغرب لأمرها، لما كان هذا حالها في إيران، وما كان هذا حال المرأة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، تلك الدول التي يهيمن عليها ملالي السوء الحاكمين في إيران.

ويعد الثامن من آذار (مارس) مناسبة للاحتفال والتذكير بإنجازات النساء الإيرانيات وتجديد الالتزام بالنضال من أجل المساواة، إذ يختلف نضالهن في جوهره ومضمونه كلياً عن واقع ما تمارسه المنظومة الدولية، فمن معاناة تبدأ بالعنصرية المقيتة وتنتهي بالمساس بالكرامة والأرواح إلى ميادين النضال والمشاركة السياسية الفعالة وقيادة الحراك النضالي والثوري داخل وخارج إيران، وناضلت النساء الإيرانيات للحصول على حقوقهن منذ عقود، بدءاً من المطالبة بحق التصويت في بداية القرن العشرين، وقد واجهن قمعاً شديداً من قبل السلطات على مدار التاريخ، ولا زلن يواجهن العديد من التحديات من قبيل انعدام الحريات والحياة والأرواح المهددة بالزوال والكرامة المهدورة على أهون الأسباب، والتعسف في الأحكام والقتل تحت مسمى الإعدام وعدم المساواة في الأجر وقلة فرص العمل والقوانين التي تحد من حريتهن الشخصية، بالإضافة إلى العنف المنزلي الذي يدعمه نظام الكهنة، ورغم ذلك لا زلن يواصلن النضال من أجل حقوقهن في إيران وخارجها.

مؤتمر يوم المرأة العالمي في باريس والمسيرة النضالية للمرأة الإيرانية
عندما يتم الحديث عن نضال المرأة الإيرانية، هناك صورتين نستحضرهما في تاريخ نضالها المعاصر، الأولى في الثورة الدستورية حيث حملت المرأة السلاح من أجل الوطن والكرامة والحرية والقيم العليا، والصورة الثانية وهي صورة ناصعة ومتواصلة على صفحات نضال المرأة سياسياً وعسكرياً وإعلامياً في صفوف منظمة مجاهدي خلق منذ قيامها في منتصف عقد الستينيَّات من القرن الميلادي الماضي، حتى قامت ثورة 1979، وفي تلك المسيرة استشهد في صفوف المنظمة الكثير من النساء المناضلات، وتعرض بعضهن للتعذيب واستشهد داخل سجون الشاه، واستمر نضالهن في مواجهة النظام الكهنوتي الحاكم في إيران وأسقطن ادعاءات الملالي من خلال إبراز الإسلام المحمدي الأصيل فكراً وسلوكاً وممارسة، وتم التأكيد على ذلك في المؤتمر الدولي المنعقد في باريس بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بقيادة السيدة مريم رجوي وهي من رموز نضال المرأة في العالم، وفي هذا المؤتمر ألقت شخصيات سياسية بارزة وحقوقيات وناشطات في مجال حقوق المرأة من 28 دولة خطابات مفيدة حول الفظائع التي ارتكبها الملالي وأكدن كذلك على المقاومة التاريخية للمرأة الإيرانية الرائدة ودورها وتأثيرها من أجل الديمقراطية والمساواة في إيران الغد، وأشادت السيدة دومينيك أتياس، الرئيسة السابقة لنقابة المحامين الأوروبية بنضال المرأة الإيرانية الدؤوب على مدى أكثر من 40 عاماً من أجل العدالة والحرية والمطالبة بالتقاضي من أجل حقوق ضحايا مجزرة الإبادة الجماعية بحق 30,000 سجين رأي سنة 1988.

العشرات من الشخصيات النسوية العالمية، من بينهن قادة دول ورموز مجتمعية ونقابية، أسقطن شرعية حكم الملالي وشهدن على مسيرة نضال المرأة الإيرانية كمسيرة نضالية طويلة وشاقة من أجل حقوقها ومساواتها في المجتمع، والملفت للنظر أنه وخلال السنوات الأخيرة، تصاعد مد المقاومة الإيرانية داخل إيران، وتأثر المجتمع الإيراني بثقافة مدينة أشرف وتضحياتها ودور النساء فيها وفي منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية، بالرغم من كم المؤامرات غير المنقطعة ضد المقاومة، وكان لذلك التصاعد الأثر الكبير في ازدياد جهود المناضلات الإيرانيات من أجل الحصول على حقوقهن المدنية والاجتماعية وانتفضت النساء ضد قوانين تمييزية وجائرة تحد من حريتهن وتضرب بكرامتهن عرض الحائط، ونظمن مظاهرات واحتجاجات للمطالبة بتغييرات جذرية في القوانين والسياسات التي تحد من حقوقهن، وبالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجههن، إلا أن النساء الإيرانيات لا يزلن مستبسلات في مواصلة نضالهن من أجل تحقيق الحرية والمساواة والعدالة في المجتمع الإيراني.