علينا جميعاً مطالبة القائمين على الأمر أن يكافحوا من أجل استرداد ديموغرافية أرضنا قبل أي شيء وأيّا تكن الظروف، فاليوم لنا هذه المظاهر المكتسبة، وغداً سنكون في خبر كان ومعنا كوردستاننا. ولن يحسب لنا ما تحقق في عهدنا الحالي، ولا مما ذكرناه في المقالات السابقة من هذه السلسلة ومما لم نقع على ذكره من المظاهر الكوردية.

وأطرح هنا سؤالاً: أين لاتشين، وأين نخشيفان وأين زنكلان وغيرها؟ كانت كوردية، واليوم يتقاتل عليها الغير! ولا أثر لنا فيها؟ فكل حريص منا على كوردستانية هذا الجزء أن يطالب أولي الأمر بتصحيح الوضع الديموغرافي الذي كان قائماً قبل هذا الوقت، وإلا سنكون بمثابة من جاؤوا وحكموا هذه المنطقة ابتداء من الرومان وهولاكو، مروراً بتيمورلنك والسلاجقة والعثمانيين وأخيراً الفرنسيين. ونكرر تساؤلنا أين جمهورية مهاباد، وأين كردستان الحمراء؟ كلها ذهبت هباءً منثوراً فلا أثر لهما إلا في كتب التاريخ وفي ذاكرة البعض منا.

خلافاتنا تجعل مناطقنا الكوردية في هذا الجزء من كوردستان الملحقة ذات المظهر الكوردي في خطر. إذا ضاعت منا هذه الفرصة، هيهات أن نحصل على مثلها ثانية، كما يقال فالفرص كالطيور تحط على كتف المرء مرة واحدة إن طردها لن تأتيه ثانية. لا بد لنا جميعاً من الحفاظ على الحاصل، وألّا نفرط فيه بخلافاتنا القائمة؛ لأنها ليست مؤكدة البقاء، حسب مؤشرات الوقائع على الأرض. فالمرحلة الحالية تدعونا إلى الوحدة إلى حين تأكيد القائم وضمان استمراره في المستقبل.

لنفعّل بصيرتنا في تشخيص مربعات أمن النظام، صاحبة الصولات والجولات، ومعها حارسها الأمين إيران، وحاميها الأكبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وما لهما من يدٍ عليا فيما يخص المنطقة عدا منابع البترول المصونة من قبل العم سام، وهجمات تركيا بين فينة وأخرى ألا كل هذا لا يدعو إلى التساؤل؟ إنّها خلطة عجيبة؟ وأمرها مهم نغفلها إما جهلا أو نكاية ببعضنا البعض!

أكوردية المظهر هنا، يعني أن مُقْتَسِمَيّ كوردستان في جزئنا هذا صَالَحَا الكورد الملحقين بسوريا، وقبلا بمشروعيته وحقه في أرضه هذه؟ أم أن هناك خطب ما يتطلب منا الإمعان فيه لاستخلاص ما يمكن جعل هذا المظهر كورديا أكثر مما هو عليه الآن، وألّا يعتريه التغيير أو التبديل لاحقاً بما يفقدنا إيّاه، بدلاً من التناوش فيما بيننا؟

أرى أن ندع خلافاتنا جانباً ونتعاون سوياً في جعل القائم أكثر كوردية، والعمل بدأب على ألا يعتريه أيّ تبديل أو تغيير يؤديان إلى زوال ما تحقق بفضل حراكنا الحالي، بالرغم من ضعفه. فالعراك القائم بيننا يسهّل على الأعداء إنهاء ما تحقق أمراً جدّ طبيعيا. إن الحاصل بيننا من خلافات يجعل هذه الخلطة المتوافقة مع مصلحتنا الكوردية في مهب الريح. لندع كل ما يعيق تكاتفنا في وحدة متماسكة لصون ما هو محقق لصالحنا راهناً.

المكتسبات الحالية بحاجة ماسة إلى نبذ خلافاتنا والعمل على تماسكنا في وحدة متينة؛ كي يتأكد المحقق منها. حيث القائم غير مؤكد، بالرغم من المتداول في الأروقة الدولية على أنه كوردي، وذلك بمقتضى مصالحها وليس إلا، وفي الأمس القريب كلنا نتذكر تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب السياسي العبثي بالرغم من الألاف من الشهداء الكورد في مسيرة القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك عند واقعة عفرين تركنا العم سام نخوض الدفاع بمفردنا، ضد أعظم وأبغض قوة إقليمية، والنتيجة بيّنة للقاصي والداني.

وعليه، فالمطلوب منا جميعاً التآلف والتنسيق، وما تبديه المؤكدات على أرض الواقع أنه من السهولة على المتربصين إزالة القائم، سيما التغيير الديموغرافي الحاصل لمناطقنا! ما يؤسف له أننا لا نعيره أية أهمية، وهو الركيزة الأساسية في شرعيتنا على أرضنا المغيرة ديموغرافيا. وبالرغم من الظروف المواتية لنا على خلفية ربما مصالح الدول الكبرى، تناسينا مخلفات كوارث السلطات السورية العروبية، من لجان التحديد والتحرير، ومسيرة الاستيلاء على أملاكنا، إلى مزارع الدولة، والحزام العربي، والمستوطنات وغيرها من القضايا التي أتينا على ذكرهم.