صحيح أن إنكلترا هي مهد كرة القدم، حيث تم تطوير اللعبة وتنظيمها لأول مرة هناك، ولكن البرازيل تعتبر من أفضل الدول التي مارست هذه الرياضة على مر العصور. لقد أسهمت البرازيل بشكل كبير في تطوير كرة القدم من خلال إنتاج لاعبين موهوبين بشكل استثنائي وفرق قوية جدًا على المستوى الدولي.

إن إسهامات البرازيل في كرة القدم عالمية ولا يمكن إغفالها، حيث أنها أحرزت العديد من الألقاب العالمية وقدمت للعالم أساطير حقيقية في هذه الرياضة. البرازيل، بلد يعشق كرة القدم بشغف، ويتجلى هذا العشق في شوارعها وملاعبها وفي قلوب مواطنيها. تُعتبر البرازيل مهد كرة القدم العالمية، حيث أنجبت أساطير لا تُنسى مثل بيليه وزيكو وسقراط ورونالدينيو ورونالدو ونيمار والقائمة تطول.

وتتميز كرة القدم البرازيلية بأسلوب لعب فريد يجمع بين الفنية والمهارة والإبداع، وهو ما يُطلق عليه لقب "السامبا"، رقصة الإبداع. تُوجت البرازيل بكأس العالم خمس مرات، وهو رقم قياسي لم يصل إليه أي منتخب آخر حتى الآن. إن إسهامات البرازيل في كرة القدم لا تقتصر على إنجاب اللاعبين الموهوبين فحسب، بل تمتد لتشمل تطوير أساليب التدريب واللعب التي أثرت في كرة القدم على مستوى العالم.

أمَّا السؤال الذي يطرح نفسه فلماذا يعشق الشعب البرازيلي كرة القدم؟

لأنَّ كرة القدم في البرازيل تمثل جزءاً لا يتجزأ من الثقافة البرازيلية، حيث تُعد رياضة شعبية تجمع بين طبقات المجتمع المختلفة وتوحدهم في شغف مشترك. يُظهر البرازيليون حبهم لكرة القدم من خلال التفاني والحماسة في الملاعب، سواء أكان ذلك في المباريات المحلية الخاصة بالدوري المحلي أو المباريات الدولية خاصة بطولات كأس العالم، فيرافقون منتخب بلادهم أينما لعب في كل أنحاء العالم. إنهم يرون في كرة القدم مصدر فخر وطني، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإنجازات الكبيرة التي حققتها منتخباتهم على مستوى العالم. كما أن لكرة القدم دور هام في توفير فرص للشباب من خلال الأكاديميات والأندية التي تساعد في صقل المواهب وإعدادهم ليصبحوا نجوم المستقبل.

اما اللاعب البرازيلي يتميز بمهارات فنية عالية وقدرة استثنائية على التحكم بالكرة والمراوغة، مما يجعلهم من بين الأفضل في عالم كرة القدم. يشتهرون أيضًا بسرعتهم ولياقتهم البدنية، إلى جانب روحهم الجماعية وقدرتهم على اللعب بانسجام تام. كذلك، يُعرف اللاعبون البرازيليون بحسهم التكتيكي وفهمهم العميق لإستراتيجيات اللعب، ما يساعدهم على اتخاذ قرارات سريعة وفعّالة داخل الملعب.

هل تصح مقولة أن البرازيليين يرضعون كرة القدم مع حليب أمهاتهم؟

إنَّ هذه المقولة تعبير مجازي يشير إلى الشغف الكبير الذي يكنه البرازيليون لكرة القدم منذ الصغر. فكرة القدم ليست مجرد رياضة في البرازيل، بل هي جزء لا يتجزأ من الثقافة والهوية الوطنية. يتم تعليم الأطفال قواعد اللعبة ومهاراتها في سن مبكرة جدًا، وغالبًا ما تكون كرة القدم محور التجمعات العائلية والاحتفالات. إنَّ تاريخ البرازيل المجيد في كرة القدم على كافة الأصعدة في القارة الأميركية الجنوبية وكؤوس العالم والألعاب الأولمبية، يُظهر مدى عمق هذا الشغف. وبالتالي، فإنَّ المقولة تُسلط الضوء على هذه الأهمية الثقافية بطريقة شعبية.

وفي مختلف أنحاء العالم، يميل الآباء إلى تشجيع أبنائهم على اختيار مهن تقليدية مثل الطب والهندسة، وذلك لما تحمله هذه المهن من قيمة اجتماعية واستقرار مالي. ومع ذلك، في البرازيل، يبدو أن هناك تقدير خاص لمهنة كرة القدم، حيث يحلم الكثير من الآباء بأن يصبح أبناؤهم لاعبي كرة قدم محترفين. هذا التوجه قد يعكس الشغف العميق بالرياضة وفي الثقافة البرازيلية والإنجازات الكبيرة التي حققتها البرازيل في عالم كرة القدم.

كرة القدم أهم مصدر اقتصادي للبرازيل؟

كرة القدم ذات تأثير كبير على اقتصاد البلاد. تُسهم كرة القدم في الاقتصاد من خلال عدة طرق، بما في ذلك السياحة، والبث التلفزيوني، والإعلانات، والرعاية، وبيع اللاعبين. يأتي مشجعو كرة القدم من جميع أنحاء العالم لحضور المباريات في البرازيل، مما يسهم في زيادة الإيرادات من قطاع السياحة. بالإضافة إلى ذلك، تُعد صفقات بيع اللاعبين مصدرًا هامًا للدخل للأندية البرازيلية، حيث تُشتهر البرازيل بإنتاج لاعبي كرة قدم موهوبين يُطلبون في أندية عالمية.

أما لماذا سمي المنتخب البرازيلي بالسامبا، فيعود السبب إلى الأسلوب الراقص والممتع الذي يلعب به الفريق، والذي يعكس الثقافة البرازيلية الغنية والمتنوعة. تشتهر البرازيل بموسيقى السامبا ورقصها، وبالمثل، يُظهر المنتخب البرازيلي هذه الروح في أدائه داخل الملعب، حيث يتميز بالحركة السلسة والتكتيكات المبدعة واللعب الجماعي المتناغم. لذلك، فإن تسمية المنتخب بالسامبا تُعد تكريمًا لهذه الخصائص وتعبيرًا عن الفرحة والحيوية التي يجلبها لعشاق كرة القدم حول العالم.

وتعتبر المنتخبات البرازيلية واحدة من أعظم القوى في تاريخ كرة القدم، وقد شهدت تشكيلات مذهلة على مر العصور. منذ بداياتها في المسابقات الدولية، أظهرت البرازيل موهبة كروية فائقة، حيث تمكنت من تحقيق الفوز في كأس العالم خمس مرات، أما أفضل تشكيلة مرت على تاريخ الكرة البرازيلية فقد تكون موضوعًا للنقاش، لكن من المؤكد أن هناك عدة أجيال قد تركت بصمات لا تُنسى في ذاكرة المشجعين، ولا سيما منتخب البرازيل الفائز بكأس العالم عام 1970 في المكسيك، الذي يعتبره البعض أفضل فريق لكرة القدم في التاريخ، والذي كان يضم النجم بيليه، الأسطورة وصاحب أفضل أداء على الإطلاق في تاريخ اللعبة. أيضاً، نذكر منتخب البرازيل لعام 1982 بقيادة زيكو وسقراط، وهو من أهم المنتخبات في تاريخ الكرة البرازيلية. هذه التشكيلات لم تُظهر فقط المهارات الفردية المتميزة، بل أيضًا الروح الجماعية والإبداع التكتيكي الذي يُعبر عن جوهر كرة القدم البرازيلية.

و الجميل أيضاً أنَّ شمس الكرة البرازيلية لم تغب عن بطولات كأس العالم وإن تاريخ البرازيل في كأس العالم لكرة القدم يشهد بأنها واحدة من أكثر الدول نجاحًا وتألقًا في هذه المسابقة. وكما أنها المنتخب الوحيد الذي شارك في جميع نسخ بطولة كأس العالم منذ انطلاقها في الأورغواي في العام 1930. وبالتالي، يمكن القول بأن شمس الكرة البرازيلية لم تغب عن سماء كأس العالم أبدًا.

وتعود جذور كرة القدم في البرازيل إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث تم إدخالها من قبل الإنجليز والاسكتلنديين الذين جاءوا للعمل في صناعة السكك الحديدية والقهوة. بمرور الوقت، اكتسبت اللعبة شعبية كبيرة وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من الثقافة البرازيلية وتأسس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم في العام 1914، وهو يعتبر من أقدم وأشهر الاتحادات الكروية في العالم. منذ تأسيسه، لعب دوراً محورياً في تطوير كرة القدم في البرازيل والمساهمة في تحقيق إنجازات كبيرة على المستوى الدولي، ويُدير الاتحاد مسابقات كرة القدم المحلية ويشرف على المنتخب الوطني، ويعمل على تعزيز قيم الروح الرياضية واللعب النظيف.

أخيراً يعاني المنتخب البرازيلي من نكسة كروية هذه الأيام فقد خسر آخر ثلاث مباريات في تصفيات أميركا الجنوبية لكأس العالم 2026 حيث يحتل المركز السادس من أصل عشرة منتخبات، متقدماً بفارق نقطتين عن المركز السابع بعد ست مراحل، علمّاً أنّ أصحاب المراكز الستة الأولى يتأهلون مباشرة إلى كأس العالم. ويحتاج المنتخب البرازيلي إلى رفع مستواه بأقصى سرعة ممكنة، في أفق خوضه غمار كوبا أميركا المقررة بين 20 حزيران (يونيو) و14 تموز (يوليو) المقبلين في الولايات المتحدة.

ختاماً، نقول صحيح إن المنتخب البرازيلي يمرض لكنه لا يموت.