سؤالٌ يطرح نفسه: ماذا يفعل إسماعيل هنية في طهران في هذه الظروف؟ ولماذا هذا الإرتباك الذي بدا عليه؟ أهناك خلافٌ بينه وبين قوى الخنادق على الأرض الذين تورطوا بمعركة غير متكافئة وانهكهم الخذلان أكثر من حدة وطأة المواجهة مع العدو، وها قد طال عليهم الأمد وتحملوا وأهل غزة ما لا تتحمله دول، ولا زالت الوعود كما يقال (كلام ليل يمحوه النهار)؟ يبدو من خلال الأجواء وخطاب هنية أن هناك خلافات بين قوى الخنادق والفنادق بسبب الدمار الواقع في غزة، وما يتعرض له أهل الخنادق من حصار طال أمده، ولم يبق في غزة سوى الأطلال، ومن يأبه لغزة ومن فيها عندما يكون المطلوب أزمة يتنامى ويزهو على بساطها الملالي ومن اتبعهم، ولا شك أن خلافاً كهذا سيخدم الملالي ويعزز من دورهم العبثي في فلسطين.
محكمة العدل الدولية تطالب الاحتلال بإنهاء المجاعة
في وقت تطالب محكمة العدل الدولية بإنهاء المجاعة في غزة، تطفو على السطح رائحة مؤامرات الملالي بشأن فلسطين، إذ بدلاً من العمل على إنهاء أزمة الشعب الفلسطيني ككل وإنهاء الجحيم القائم على رؤوس النساء والأطفال، يسعى الملالي إلى إعادة تمكين الموالين لهم من السلطة في غزة، حتى لو بقوا حكاماً على أطلال وبقايا بشر أحياء أموات، ويفاوض الملالي من أجل غزة حماس وليس غزة فلسطين، وهي مفاوضات يرحب بها المجتمع الدولي الذي لا يريد أساساً إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية، بل يريد تفكيكها ونسيانها كأن لم تكن في الوجود دولة اسمها فلسطين.
خامنئي وهنية وحزب الله يناورون ويتاجرون بفلسطين غير مكترثين بدين أو قيم
يروج ملالي إيران وحزب الله أنفسهم كأبرز الأطراف الداعمة للفلسطينيين في الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومع أن منظمة التحرير فلسطينية وآخرين فلسطينيين، لكنهم لا يحظون بدعم نظام ولاية الفقيه وحزبه في لبنان، والواضح للعيان أن فصائل فلسطينية بعينها هي كل فلسطين بالنسبة إلى الولي الفقيه وحزبه في لبنان ولا فلسطين إلا إن كانت بقيادة هذه الفصائل، يروجون لذلك ولا تسمع لهم طنيناً إلا ما تعلق بالشعارات وتزيين قبح المواقف وتبريرها، يستقبلون هنية في طهران تحت سطوة الأضواء وصدح الشعارات ويبدو على هنية أنه يريد أمراً ومرتاب من الإجابة عليه مسبقاً فتناقضات الزيارة والاستقبال لا توحي بخير.
أما حزب الله، فيظهر ولي الفقيه بأنه قد امتطى صهوة جواده وأقبل يريد أسر العدو ووضعه في قفص، لكنه لا يريد توريط الولي الفقيه في توسيع حرب تكسره طالما هو وغيره قائمين، والحقيقة لا يتواجد في الميدان سوى زعيق حناجرهم التي لم تعد تعي ما يخرج منها، والمهم أنها تؤدي دورها حسب السيناريو وكفى، ولا تزال إثارة الحروب والنزاعات بالمنطقة كالعادةِ وسيلة لإطالة عمر نظام ولاية الفقيه وللتغطية على جرائم وانتهاكات النظام، وما القضية الفلسطينية في قاموس الملالي اليوم إلا وسيلة للمتاجرة والمساومة والمقايضة.
إننا اليوم أمام تحدٍ كبير يتمثل في ملالي طهران، تجار الدين، الذين يسعون إلى استغلال الدين لتحقيق مصالحهم الشخصية والسياسية وتبرير أفعالهم القمعية الوحشية عابثين بعواطف ومشاعر البسطاء دون أدنى احترامٍ للدين ومبادئه السامية، وما يريده هنية من طهران ليس سوى أن يكون ملكاً على فلسطين المختزلة في غزة.. إننا أمام تجار دين ومحتل موحدي الرؤية والتوجه تمهيداً لعزل غزة عن الضفة بزعامة هنية.
التعليقات