يشير مصطلح "سيكولوجية التهميش" إلى العملية التي يتعرض فيها فرد أو مجموعة، للاستبعاد والتجاهل في المجتمع، بسبب خصائصهم الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية أو السياسية، فيتم إهمالهم ولا يُمنحون فرصاً متساوية في المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
شابت تجربتنا السياسية العراقية، حالات لشواذ ومتملقين وانتهازيين، تسللوا لمؤسسات الدولة، في ظاهرة تؤثر سلباً على النظام العام، وتضرّ حتى بالمؤسسات الحزبية، وهؤلاء نجدهم خارج أقواس التهميش.. فعندما يستخدم الأفراد السلوك المتملق والانتهازي للتقرب من المسؤولين، والحصول على مناصب أو مكاسب مادية، يتم تشويه المبادئ الأخلاقية، ويتعرض هرم الإنتاج لخلل كبير، فهؤلاء الأفراد يعملون لتعميق الفساد، وعرقلة التقدم والتنمية الشاملة للمجتمع.
من جانب آخر، فإنَّ أصحاب المبدأ والعقول النظيفة في العمل الحكومي يتعرضون للتهميش الدائم، مما يؤثر على جودة الأداء والتطور في المجتمع. فتجاهل الأفراد ذوي الكفاءة والمهارات العالية، والمبدأ الثابت، يصبّ في صالح الانتهازيين، فيتمّ فقدان الكفاءات القيادية، وتتدهور الخدمات العامة، ويصبح من الصعب على أصحاب المبدأ تحقيق تأثير إيجابي في السياسات العامة، والدفع لاتخاذ القرارات الصائبة، لتحسين العمل في قطاع الدولة.
يشهد العراق تحديات كبيرة، في ظل التهميش المجتمعي والفساد المستشري، مما ولَّد تأثيرات سلبية في مؤسسات الدولة، حين يتم استغلال النفوذ والعلاقات الشخصية، للوصول إلى المناصب الحكومية، والحصول على المكاسب المالية، وهو تحدي كبير في طريق بناء مؤسَّسات قوية وفعالة، تعمل من أجل رفاهية المجتمع بأكمله.
إقرأ أيضاً: سوق سوداء لحرية الرأي؟
لمواجهة هذا التحدي، يجب على الدولة ومؤسساتها التركيز على تعزيز الشفافية، وتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية عند المسؤولين، والخروج من نطاق المحاصصة الحزبية، وينبغي تعزيز الدور الرقابي للمؤسسات، وتشجيع المشاركة المجتمعية في صنع القرار، وأن يعمل النظام على تعزيز قيم النزاهة والاستقامة، وتكافؤ الفرص في المؤسسات الحكومية.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تولي الحكومة اهتماماً خاصاً بتطوير القطاعات الاقتصادية، وتشجيع الابتكار والريادة، لتوفير فرص عمل عادلة، ومنصات تنافسية لجميع أفراد المجتمع، ويجب أن يتم تشجيع الجميع على التعاون والتضامن، وتقديم الدعم والفرص، للفئات المهمشة وتعزيز توجهات العدالة الاجتماعية.
إقرأ أيضاً: حبل الأمل ورقبة صدام
يجب أن تكون مشكلة التهميش المجتمعي، والفساد في المؤسسات الحكومية، محور اهتمام الحكومة الحالية، وهذا يتطلب تعاوناً شاملاً بين الحكومة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، لتعزيز النزاهة والمساءلة والعدالة في المجتمع، من خلال تكثيف الجهود لمكافحة التهميش، وتعزيز المبادئ الأخلاقية، ليمكننا بناء مجتمع، يتسم بالعدل والتنمية المستدامة.
تحقيق التقدم والاستقرار، يتطلب جهوداً مستمرة ومتواصلة، لبناء مجتمع شامل يضمن تكافؤ الفرص، واحترام حقوق الجميع، وكل هذا يقع على عاتق حكومة الإطار وشركائهم.. وقبلهم المجتمع وأفراده أنفسهم.
التعليقات