وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهاماً لمصر، قائلاً إنها تعطل إعادة فتح معبر رفح الحدودي وتحتجز سكان غزة "رهينة" لرفضها التعاون مع إسرائيل بشأن المعبر الرئيسي للمساعدات.

كلام نتنياهو جاء في مقابلة أجرتها معه شبكة CNBC الأميركية، قال فيها إنَّ "إسرائيل تدعم تدفق المساعدات الإنسانية بأقصى حد عبر معبر رفح". وأضاف رئيس وزراء إسرائيل أنّ "المعبر كان سيفتح أمس لو كان الأمر بيد إسرائيل"، وزاد: "أرجو التوصل إلى تفاهم مع مصر".

لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري رد أن سيطرة إسرائيل على المعبر تُعرض عمال الإغاثة وسائقي الشاحنات إلى "مخاطر محدقة". واعتبر شكري أنّ "إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة".

لقد قام الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على معبر رفح منذ السابع من أيار (مايو) الحالي، المعبر الذي يعتبر شريان الحياة لأهالي غزة، فَهو البوابة الرئيسيّة لدخول البضائع والأشخاص إلى غزة، وخروج الجرحى والمرضى للعلاج خارج القطاع.

إن التصريحات الفارغة لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي وكذا تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين للكيان المُتناقضة وكذا مسرحياتهم الهزلية، التي يتناولها بعض المُحلّلين السياسيين العرب في إطار خلافات بين بعض المسؤولين بشأن حرب غزة، لا تمت بحقيقة الأهداف الإسرائيلية من وراء حرب غزة بأية صِلَة.

إنّ أهداف إسرائيل من الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطينيّ، هي في الحقيقة استكمال نكبة 1948 التي تمّ من خلالها تشريد ملايين الفلسطينيّين من أراضيهم، وها هي اليوم تعيد الكرة بمحاولة قيامها بنكبة جديدة أكثر وطاةً من الأولى وهي نكبة 2024، التي تسعى من ورائها إلى إتمام ما بدأته بتشتيت ما تبقّى من الفلسطينيّين خارج أرضِهم، وهذا وفقَ ما خطّطت له "الصهيونيّة العالميّة" منذ عقود مضت... إسرائيل تهدف إلى تهجير جميع أهالي فلسطين والاستيلاء الكامل على كلّ ربوع فلسطين وتكريس "الدولة اليهوديّة" الخالصة، الخالية من الجنس الفلسطينيّ من المسلمين والمسيحيّين. وكلّ من يتحدّث عن (حلّ الدولتيْن) فهو واهِم ولا يفهم شيئاً في السياسة اليهوديّة ومُخطّطاتها الرامية إلى التهويد التدريجيّ لفلسطين.

إنَّ الحيلولة دون تحقيق الكيان الإسرائيلي لهدفه يحتاج إلى مسألتيْن أساسيتين: أولاً صُمود الشعب الفلسطينيّ على أرضه، وثانياً تقويّة المقاومة وتحديث أساليبها القتاليّة.

من المُلاحظ أنّ الشعب الفلسطينيّ في غزة يتعرَّض لأبشع الجرائم التي تقترفها إسرائيل في حقه: من إبادة جماعية يوميّة للأبرياء الآمنين العزل، بتهديم كامل لبيوتهم فوق رؤوسهم واستهدافهم بالقصف في المآوي والطرقات... وكذا الحصار المضروب على القطاع ومنع دخول الأدوية والغداء وكل مُستلزَمات الحياة. ورغم كل ذلك، فإنّ الشعب أبانَ عن صموده وصبره وتشبُته بأرضه وتعلّقه بمُقاوَمته المُباركة.

ومن الملاحَظ كذلك، أنّ المُقاومة الفلسطينية لا تزال قويّة بل تزداد قوة كل يوم، أربَكت جيش الكيان الصهيوني، حيث تُكبِّده خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد الحربيّ مِمّا أرهقه وأحبط كل مُحاولته للسيطرة على غزة.

خُلاصة القول إنّ أهداف إسرائيل لم يتحقَّق منها شيء مُنذ هجومِها البرّي على القطاع، رغم مرور ثمانية أشهُر من القتل والجرح والتدمير، مِمّا يدُلّ على انهزام الكيان المُحتلّ عسكريّاً وسياسيّاً، وانهزَام فاضِح للولايات المتحدة الأميركيّة التي لم تأل جهداً في إمداد الكيان بالمال والسلاح واللوجيستيك.

لقد تكبّد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في أرواح جنوده وعتاده، فأصبح اليوم يتخبّط في أوحال غزة ولم يَقوَ على الخروج منها. وتعويل أميركا على إسرائيل في مواجهة إيران أمرٌ مستحيل وغير قابل للتحقيق، لقد استطاع ذِراع واحدٌ من أذرُع إيران هزم "الجيش الذي لا يُقهر"، فما بالُك لو اجتمعت والتحمَت جميع أذرُعها، فهل تستطيع أميركا وحليفتُها وأزلامُها وعُملائها الانتصار عليها؟

لقد أبانت حرب غزة وطوفان الأقصى عن الضعف الدريع لإسرائيل وأميركا، وما على الإدارة الأميركيّة من سبيل في حفظ ماء وجهها إلّا ثني إسرائيل عن حربها الشعواء على الشعب الغزّاوي والرضوخ لشروط حركة حماس المشروعة، في إيقاف تام للحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة وعودة اللّاجئين إلى بيوتهم وإعمار ما دمَّرته الآلة الحربيّة الإسرائيليّة.