بعد أن اغتال معاوية الإمام الحسن عليه السلام، تحول الحكم الإسلامي إلى بني أمية، حيث كان الناس يعانون الظلم والاضطهاد حتى بعد رحيل معاوية وتولي ابنه يزيد دفة الحكم؛ يزيد الذي كان يشتهر بحب ملذات الحياة وخضوعه خلف كل فاحشة، حتى ضاق الناس ذرعاً بما يحدث لهم من طغيانٍ وجور، وصلت أنباء هذا الواقع المرير إلى الإمام الحسين عليه السلام، الذي أثار قلبه وضميره ما يحدث للمسلمين، فقرر التحرك لإصلاح الأوضاع السياسية وتحرير الناس من قبضة الطغيان.

أرسل الحسين عليه السلام سفيره مسلم بن عقيل إلى الكوفة بعد أن تلقى رسائل متكررة من أهلها يشكون فيها الظلم والاضطهاد، كان الهدف هو استطلاع الأوضاع هناك ومعرفة مدى استعداد الناس للنهوض والتحرر من ظلام آل أمية.

وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليجد أهلها مستبشرين هذا القدوم، وملتفين حوله بأعداد كبيرة، هنا، اعتقد الحسين عليه السلام أنَّ الوقت قد حان للانتقال من مرحلة الركود إلى الإصلاح السياسي لنصرة المظلومين ضد النظام الظالم، فقرر الخروج من المدينة المنورة متوجهاً إلى الكوفة لقيادة الثورة بنفسه.

لكن عندما وصل الحسين عليه السلام إلى كربلاء، تفاجأ بخبر استشهاد مسلم بن عقيل وغدر أهل الكوفة، وأدرك أنَّ الأمر لم يعد مجرد إصلاح سياسي، بل أصبح نضالاً مسلحاً ضد الفساد والطغيان، فصمم على المضي قدماً في ثورته، مهما كلفه الأمر.

إقرأ أيضاً: على أعتاب الانتصار

ولم يتراجع الحسين عليه السلام عن موقفه، بل قاد ثورته ضد جيوش يزيد حتى استشهد هو وعائلته وأصحابه البواسل في معركة عاشوراء، لم تكن معركة عادية.. كانت إبادة وحشية من جيش الفساد كله ضد الخير كله.

لقد قدم الحسين عليه السلام التضحية النهائية من أجل إنقاذ الأمة من الانحطاط والظلم، دعا إلى الإصلاح بصدقٍ ولم يكن بمعسكره أي آثارٍ للفساد، على عكس مدعي الإصلاح في هذه الأيام.

إقرأ أيضاً: سوق سوداء لحرية الرأي؟

إنَّ سيرة الحسين عليه السلام تبقى نموذجاً لكل من يسعى للإصلاح والثورة، فهو حمل رسالة النجاة لأمة لم تنصره وتركته وحيداً في مواجهة البطش والاضطهاد. إنه درس للأجيال في الثبات على المبادئ والتضحية في سبيل التغيير.

إنَّ مأساة الحسين عليه السلام وما حصل لعياله ولطفله الرضيع، هي أعظم المآسي في التاريخ الإسلامي، وستظل محفورة في ذاكرة الأجيال، تذكرنا بضرورة الدفاع عن الحق والكرامة الإنسانية، تذكرنا بأهمية إحياء شعائر عاشوراء كل عام، حتى ولو كلّفنا ذلك أرواحنا، فلتكن تلك الذكرى المؤلمة نبراساً يهدينا إلى طريق النضال من أجل العدالة والحرية.