تعيش المرأة الفلسطينية في قطاع غزة ظروفًا قاسية ومعاناة غير مسبوقة، تحت القصف والغارات المستمرة من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد اضطرت العديد من النساء للنزوح مرات عديدة، وسط آلام فقدان الأهل والأقارب. وبالرغم من حجم المآسي التي تواجهها المرأة في غزة، ما زالت تواصل العمل يوميًا.

تتعرض المرأة الغزاوية لعنف مركب ومضاعف في مختلف الجوانب الاقتصادية والصحية والإنجابية والغذائية والنفسية والجسدية. وجاءت الحرب الأخيرة لتضاعف معاناتها وتترك وصمة عار على جبين المجتمع الدولي، الذي اكتفى بدور "المتفرج" أمام ما يجري في قطاع غزة. وكشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عمق المعاناة التي تعيشها المرأة الفلسطينية، حيث يتعرض القطاع والضفة الغربية للقتل والتدمير والتهجير.

بالرغم من الظروف الصعبة والانتهاكات الجسيمة، إلا أن المرأة الغزاوية تواصل تقديم دروس التضحية والصبر والفداء من أجل الوطن والحقوق الشرعية، مُقدمة نموذجًا رائدًا للمرأة العربية. لذلك، لا بد من دعم وتعزيز صمود النساء في غزة، وتوفير الحماية اللازمة لهن من كل أشكال العنف.

دعم المنظمات النسائية المحلية في فلسطين أمر بالغ الأهمية، وبدون الدعم والتمويل الكافيين، قد تجد هذه المنظمات صعوبة في مواصلة تقديم الخدمات الأساسية. ويمكن أن يؤدي نقص التمويل إلى عدم الوصول إلى الموارد الحيوية. وبدون جهود المناصرة التي تبذلها هذه المنظمات، لن تُسمع أصوات العديد من النساء في غزة.

الأوضاع المأساوية تتطلب تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، ولا سيما المنظمات النسائية التي تعمل منذ بداية الحرب؛ وتعزيز الشراكة مع الوكالات الدولية ووكالات الأمم المتحدة للتأكد من معالجة القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي في جميع أعمال الإغاثة الإنسانية.

إقرأ أيضاً: هل تدخل الهند على خط الوساطة بين حماس وإسرائيل؟

بالرغم من أن النساء في قطاع غزة يتأثرن بشكل غير متناسب بالأزمات، إلا أنهن ما زلن يلعبن دورًا مركزيًا في قيادة جهود الاستجابة الإنسانية. منذ إعلان الحرب والحصار التام الذي يعيق إيصال المساعدات الإنسانية في غزة، أصبح ما يقرب من 80 بالمئة من سكان غزة نازحين ويعيشون في مراكز إيواء مكتظة تقدم خدمات محدودة. ولا تزال المرافق الصحية متوقفة بسبب الأضرار أو نقص الوقود، في حين يعاني المدنيون والطواقم الإنسانية والطبية من القصف المستمر والحصار المشدد.

قطاع غزة هو المكان الأكثر خطورة بالنسبة للنساء، حيث تعرضت الفلسطينيات في القطاع المحاصر للهجمات الإسرائيلية التي أدت إلى قتلهن، إصابتهن، تهجيرهن واعتقالهن. وتعاني النساء من الجوع وصعوبة الوصول إلى المرافق الأساسية وسط ظروف قاسية لرعاية أطفالهن.

تقديرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة تشير إلى مقتل أكثر من 10,000 امرأة، منهن 6,000 أم تركن وراءهن نحو 19,000 طفل يتيم. كما أن النساء اللواتي بقين على قيد الحياة يعانين من التشريد والجوع، ولا تستطيع أكثر من مليون امرأة وفتاة الوصول إلى الغذاء أو المياه الصالحة للشرب أو المرافق الصحية.

إقرأ أيضاً: الفلسطيني محمد حمادة.. بطل من رحم المعاناة

بالرغم من هذه الظروف، تواصل المرأة الفلسطينية في غزة لعب أدوار قيادية في الاستجابة الإنسانية، غير أن مساهماتها لا تحظى بالاعتراف الكافي أو التقدير. تمثل النساء، مثل بثينة، نموذجًا للقيادات النسوية في الأعمال الإنسانية والاستجابات في سياقات الأزمات والحروب. يجب الاعتراف بمساهمة المرأة في العمل الإنساني، وتقديم الدعم لها كقيادة مؤثرة.

الاستجابة الإنسانية ليست مهمة سهلة للنساء في سياق الحروب، واستمرار الحرب والفشل في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم يزيد من توتر عمال الإغاثة والنساء والأطفال. ما تقوم به المرأة الغزاوية وسط هذه الظروف القاسية يمثل دورًا بطوليًا يستحق أن يُدرّس في المناهج المدرسية حول العالم.