لقي أكثر من 51 شخصًا حتفهم، وأُصيب 20 آخرون، في انفجار غاز بمنجم للفحم في محافظة خراسان الجنوبية شرق إيران. وأفاد الإعلام الرسمي بأن الحادث نجم عن انفجار غاز الميثان في القطاعين الثاني والثالث من المنجم الذي تديره شركة «معدن جو». وأشارت الوكالات الرسمية إلى أن الانفجار ناتج عن تسرب للغاز، حيث وقع الحادث حوالي الساعة التاسعة مساء السبت (17:30 بتوقيت غرينتش) في منجم «معدن جو» المملوك للقطاع الخاص، فيما كان نحو 70 عاملًا على الأقل في الموقع.

حادثة كهذه تسلط الضوء مجددًا على الوضع المتردي لأوضاع العمال في المناجم الإيرانية، الذين يعانون من غياب أبسط معايير السلامة المهنية. النظام الذي يدّعي زورًا تطبيق الحكم الإسلامي ودعمه للطبقات المستضعفة لم يؤمن حياة هؤلاء العمال الذين يتعرضون للخطر يوميًا.

لا يختلف العمل في المناجم في إيران عن نظيره في باقي الدول، حيث تصنّف هذه المهنة من أخطر المهن في العالم. ومع ذلك، يلاحظ في إيران تكرار الحوادث بسبب ضعف توفر إمكانيات الأمان وقلة التدابير الوقائية، مما يؤدي إلى زيادة معاناة الطبقة العاملة في هذا القطاع. خلال السنوات الماضية، شهدت البلاد حوادث مشابهة مثل انفجار منجم "يورت" في محافظة گلستان عام 2017 الذي أسفر عن مقتل 43 عاملاً، وحادثة منجم "باب نیروز" في زرند الذي أودى بحياة 12 عاملاً في عام 2009. هذه الحوادث تكشف مدى التجاهل الحكومي لإجراءات الأمان والسلامة.

ورغم تكرار هذه المآسي، لم يُشهد أي تحسن ملحوظ في وضع حقوق العمال أو في سياسات الأمان التي تفرضها الحكومة. في حين يعاني العمال من ظروف عمل قاسية ويضحون بحياتهم من أجل لقمة العيش، ينفق النظام الإيراني مبالغ ضخمة على حروبه الإقليمية ودعم ميليشياته في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة. ثروات البلاد تُبدد على الميليشيات التابعة للنظام بدلًا من استخدامها لتحسين حياة مواطنيه وضمان حقوقهم الأساسية.

ما يجري في المناجم هو انعكاس لسياسات النظام الإيراني الذي أظهر منذ توليه السلطة أنه أبعد ما يكون عن مبادئ العدالة الاجتماعية التي كان يدعي الدفاع عنها في بداياته. الحوادث المتكررة وغياب الإجراءات الوقائية تبرز مدى استغلال هذا النظام للطبقات الفقيرة في المجتمع الإيراني، وعدم مبالاته بحياتهم. النظام الذي يتباهى بشعاراته الدينية ويصف نفسه بحامي الإسلام أصبح في الواقع أكثر من يهضم حقوق الشعب ويستغل ثرواته لأغراضه الشخصية وديمومة نظامه الرجعي.

في أعقاب الحادثة الأخيرة، علقت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بتغريدة على تويتر، قدّمت فيها التعازي لأسر الضحايا ودعت الشعب الإيراني، خاصة الشباب، إلى التدخل لإنقاذ العمال المحاصرين وعدم الاعتماد على النظام. كما حمّلت خامنئي والنظام الإيراني المسؤولية الكاملة عن هذه المأساة المتكررة، مشيرة إلى أن هذا النظام لم يتخذ أي إجراءات جادة لحماية العمال، بل يستمر في استغلالهم حتى أقصى حد. في نفس السياق، أعلنت رجوي الحداد لمدة ثلاثة أيام تضامنًا مع ضحايا هذه الفاجعة، مؤكدة أن هذا النظام لا يعير أي اهتمام بحياة وأرواح العمال.

إقرأ أيضاً: في ذکری الانتفاضة: البركان في الطريق

هذه الحوادث تعكس بشكل واضح فشل النظام في حماية شعبه وتقديم أبسط الحقوق الإنسانية. وتؤكد أن النظام الإيراني يواصل سياساته الاستغلالية والظالمة بحق المستضعفين، ويهدر ثروات البلاد في إشعال الحروب والاضطرابات الإقليمية بدلاً من استخدامها في تحسين حياة المواطنين وضمان حقوقهم.

إلى جانب الحادثة في طبس، اندلعت سلسلة من الاحتجاجات في مدن مختلفة في إيران مثل طهران، الأهواز، كرمان، قم وزاهدان. هذه الاحتجاجات شملت عمال المناجم، المتقاعدين، وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين طالبوا بتحسين الأوضاع المعيشية وتنفيذ وعود الحكومة التي طال انتظارها. من الواضح أن هذه الاحتجاجات تعكس حالة الغضب المتزايدة داخل المجتمع الإيراني نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية والتجاهل المستمر لمطالب الشعب.

إقرأ أيضاً: الاحتجاجات كشرارة لإسقاط النظام الإيراني

عشية زيارة مسعود پزشکیان إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، شهدت المدينة مظاهرات يومية نظمتها الجالية الإيرانية، معربين عن اعتراضهم على تمثيله للنظام الإيراني في هذا المحفل الدولي. من المقرر أن تُقام يوم الثلاثاء، 24 أيلول (سبتمبر) 2024، مظاهرات حاشدة في نيويورك ضد مشاركته في الأمم المتحدة، حيث يؤكد المحتجون أن پزشکیان لا يمثل الشعب الإيراني، بل يُعد جزءًا من النظام الذي لا يهتم بمعاناة الشعب ويواصل قمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان. سيرفع المتظاهرون شعارات مثل "لا لنظام المجازر ومحطم الإعدامات"، و"لا لرأس الأفعى مثير الحروب ومحافظ البنك المركزي للإرهاب"، داعين إلى تغيير النظام القائم في طهران.

هذه الحوادث، إلى جانب الاحتجاجات المستمرة داخل إيران وخارجها، تسلط الضوء على الفشل المتزايد للنظام الإيراني في تلبية احتياجات شعبه وحمايته، بينما يستمر في سياساته التوسعية ودعمه للميليشيات الإقليمية على حساب رفاهية مواطنيه.