بعد أن حطّت الانتخابات النيابية أوزارها في الأردن، واختار الملك عبدالله الثاني رئيس الحكومة الجديد، وظهرت ملامح التشكيلة الوزارية، وأقسم الجميع اليمين الدستوري، تنفس الأردنيون الصعداء، وشعروا وكأنهم خرجوا من حرب طاحنة. فقد انتهت حكومة بشر الخصاونة المستقيلة، وذهب الوزراء القدامى إلى بيوتهم، هانئين بما أنجزوه خلال السنوات الأربع الفائتة، التي قضوها في خدمة الأردنيين، وشعر المواطن أن هناك أفقاً في السماء.

سبب الارتياح الذي تولّد لدى الناس عمومًا أن 70 بالمئة تقريبًا من الأردنيين أحجموا عن التصويت في الانتخابات النيابية؛ لعدم إيمانهم بإمكانية تغيير الواقع المعاش. كما أن الحكومة الجديدة تضم 70 بالمئة تقريبًا من الوزراء السابقين، وأكثر من 70 بالمئة من النواب السابقين عادوا إلى مواقعهم في البرلمان الجديد، ولكن بصور أخرى غير التي انتهوا بها في البرلمان السابق. أغلب النواب عادوا بصفتهم حزبيين منتخبين، والمقصود هنا وما يهم الشعب هو أن الأردن والخزينة العامة للدولة لن تخسر رواتب جديدة لأشخاص جدد دخلوا البرلمان والحكومة هذه المرة، فهم في الغالب نواب ووزراء سابقون يتقاضون رواتبهم من الخزينة دون عمل، كمتقاعدين. وعند إعادة تدويرهم في عصب الدولة، فهي محاولة لتشغيلهم مقابل زيادة بسيطة في الرواتب، وهذا يخفف من فاتورة التقاعد للوزراء والأعيان والنواب.

إقرأ أيضاً: صراع الفرس والصهاينة ومهزلة العصر

لقد توسعت حكومة الخصاونة في توزير ما يقرب من 60 وزيراً، في تعديلات وزارية متتالية لتحسين أدائها الذي لم يسفر عن أي شيء يُذكر لصالح الأردنيين. كان هذا الرقم من الوزراء في أربع سنوات غير مسبوق في تاريخ الحكومات الأردنية المتعاقبة، وهي فاتورة باهظة لتقاعد الوزراء على خزينة الدولة. وقد أنهت الحكومة السابقة آخر يوم عمل لها الخميس الفائت بقرارات صادمة، حيث رفعت الضرائب على السيارات الكهربائية والتبغ والسجائر، ثم استقالت في اليوم الذي تلاه، فلم يكن ختامها مسكاً وعنبراً على المدخنين في الأردن ومالكي السيارات الكهربائية والتجار. أما التشكيل الوزاري الحالي، فهو إعادة تدوير لذات الوجوه والشخصيات، ولكن دون تكلفة على المال العام، وهذه حسنة تُنسب لرئيس الوزراء الجديد جعفر حسان.

إقرأ أيضاً: المتخوفون على الأردن

لم يعد المواطن الأردني يرتجي أي نفع قادم من مجلس النواب الجديد ولا من الوزارة الجديدة، لأن الوجوه ذاتها في المؤسستين التشريعية والتنفيذية. ولكنه يرجو أن تقل فاتورة الهدر في الأموال العامة التي توزع على النواب والأعيان والوزراء بشكل عام. فالمواطن العادي بات يحلم أن يُترك بحاله، لا أن يُحسن وضعه، وأن يداوي جراحه الاقتصادية وأعباءه المالية دون أي ضرائب جديدة تنهك كاهل الأسر الممتدة من المواطنين البسطاء.

حمى الله الأردن وشعبه الطيب والفقراء أجمعين.. والله من وراء القصد.