يحاول الكثير من كتّاب المقالات، من شتى الأصول والمنابت، أن يخيفوننا من إسرائيل، نحن في الأردن، ولا نعلم ما الدافع لهذا التخويف. هل هو خوف حقيقي على الأردن، أم تضخيم لصورة إسرائيل في أذهاننا؟

ما هي إسرائيل؟ ومنذ متى تخيفنا؟ وهي مكونة من أفراد ينتمون إلى مجتمعات مختلفة غربية وشرقية، ومن سكان "الجيتوهات" المضطهدة في العالم الغربي. مجاميع من البشر لا رابط بينهم سوى الدين، فلغاتهم شتى، وأجناسهم مختلفة، من يهود الفلاشا الأفارقة إلى الروس والأوروبيين وبعض اليهود من الدول العربية. هل هذا التجمع البشري الغاصب لأرض فلسطين يخيف الأردن؟ حاشا وكلا.

يحاول البعض الادعاء بأن الأردن كان جزءًا من وعد بلفور، وهذا محض افتراء، فلم يكن الأردن ضمن هذا الوعد. الوعد واضح، فهو لإقامة وطن لليهود في فلسطين، ولم يقل في شرق الأردن. إذن، ما نسمعه من تخويف هو خلط للأوراق.

وعلى المقلب الآخر، فإنَّ الأردن فيه شعب مكوّن من قبائل وعشائر تجوب الصحراء وتسيطر على المدن. تعشق الجندية وتحب الفروسية. كانت هذه القبائل، قبل تأسيس الإمارة، تحكم بادية الشام وقرى حوران. وعندما لا تجد من تحاربه، مثل المحتل العثماني، كانت تغزو بعضها بعضًا حبًا بالحرب والقتال وتدريبًا على الفروسية. فكيف تخيف إسرائيل هذه النماذج العربية المقاتلة في صحارى الأردن؟

إقرأ أيضاً: صراع الفرس والصهاينة ومهزلة العصر

لقد خاض الأردن حروباً عدَّة مع إسرائيل، ولكن المقاتل الأردني لم يأخذ الفرصة للتعبير عن قدراته الشخصية والعسكرية لأنه كان في هذه الحروب تحت إمرة جيوش عربية أخرى. أما في معركة الكرامة، فقد استبسل وانتزع النصر لأنه قاتل منفردًا تحت قيادة وطنية هاشمية.

إذن، على الكتّاب والمتخوفين على مستقبل الأردن أن يتمهلوا ويقللوا من مخاوفهم. فإذا كانت إسرائيل، على مدى عام كامل أو قريب منه، لم تستطع أن تهزم فصيلًا عسكريًا صغيرًا في غزة، فكيف لها أن تحتل بلادًا شاسعة مثل الأردن؟

إقرأ أيضاً: المعارضة والوقوف إلى جانب الدولة في الأردن

عند النظر إلى القوة العسكرية، فإن إسرائيل تملك دبابات، والأردن يملك دبابات. ولديهم طائرات وصواريخ، ولدينا نفس الشيء ومن نفس المصدر. يبقى الفرق في شجاعة المقاتل. فهل المقاتل الأردني يشبه المقاتل الإسرائيلي؟

الأردن محمي برجاله وجيشه وقيادته وقواته وقبائله التي لا تعرف الخوف. هذه القبائل تعتبر الحرب رياضة، تمارسها في وقت الفراغ. على الخائفين على الأردن أن يطمئنوا، ففي الأردن سباع ضارية وأسود متأهبة لا تعرف الخوف.

والله من وراء القصد.