تقترب حرب غزة من إكمال عامها الأول، وسط تصاعد الأحداث وارتفاع عدد الشهداء منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى قرابة 41 ألفاً، فيما يقترب عدد الجرحى والمصابين من 95 ألفاً، غالبيتهم من الأطفال والنساء. هذا بالإضافة إلى المجازر اليومية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.

وفي ظل تصاعد الأحداث كل يوم وغلق آفاق التوصل إلى حل أو هدنة، اقترحت دولة كولومبيا على الأمم المتحدة التحرك لإرسال قوات حفظ سلام إلى غزة، معتبرة أن لا بديل آخر لتهدئة الأوضاع في القطاع، واقترحت كولومبيا أن تكون جزءاً من هذه القوات.

أيضاً في البيان الختامي للقمة العربية التي احتضنتها المنامة، تم الحديث عن نشر قوات حفظ سلام أممية في الأراضي الفلسطينية. هذا الاقتراح أثار تساؤلات حول كيفية تحقيق هذه الخطوة في ظل استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكيف يمكن أن يساعد ذلك في تطبيق حل الدولتين.

ولكن دعونا نسأل: ما هي قوات حفظ السلام؟ وهل من الممكن أن تتواجد حقاً في غزة؟

قوات حفظ السلام تتألف من جنود محترفين يتدخلون في مناطق الصراع بموجب قرار من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بهدف مساعدة المدنيين على العيش بسلام. مهمتها تتمثل في حفظ السلام وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وخاصة في مناطق النزاع المسلح.

إذا افترضنا نشر قوات حفظ السلام في غزة، فستكون مهمتها الحفاظ على السلام في الأراضي الفلسطينية إلى حين تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، لتعيش بأمن وسلام بجانب الكيان المحتل.

ربما تكون هذه الخطوة حلاً مثالياً للأزمة الحالية، خاصة في ظل استمرار الحرب وتعثر المفاوضات وفشل جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس. ولكن تطبيق نشر قوات حفظ السلام في غزة يحتاج إلى عدد من الشروط، وعلى رأسها موافقة مجلس الأمن الدولي، وكذلك قبول أطراف الصراع بهذه المبادرة.

إقرأ أيضاً: اتفاق "الفرصة الأخيرة".. لماذا يُفشل "السنوار" أي فرصة سلام؟

وإذا قرأنا التاريخ جيداً، نجد أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كان لها دور مهم في النزاعات المشابهة، وربما تكون الحل النهائي للنزاع العربي الإسرائيلي. ولكن على إسرائيل وحماس إظهار نوع من المرونة بشأن هذا المقترح، كما يجب على الجهات الدولية والدول الكبرى دعم هذا الحل حتى تنتهي الحرب وتنعُم المنطقة بسلام دائم.

من المهم أن تنزل قوات حفظ السلام بعد وقف الأعمال العدائية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لتوفير الأمن والاستقرار المؤقت، مما سيساعد على تسليم المسؤوليات الأمنية إلى السلطات المحلية بعد استقرار الأوضاع.

إقرأ أيضاً: قبلة الحياة لاقتصاد فلسطيني مكبل

كما ينبغي على مجلس الأمن الدولي إصدار قرار بتشكيل هذه القوة الأممية، مع إطلاع الدول الأعضاء على الهدف منها لحشد تأييدها. وفي حالة الموافقة، سيتم تشكيل القوات والبدء في الانتقال والانتشار في غزة. لكن الأهم هو احترام وجود هذه القوات على الأراضي الفلسطينية لضمان نجاح مهمتها.

هنا يأتي دور العرب، وخاصة جامعة الدول العربية، التي ما زالت تدافع بقوة عن القضية الفلسطينية. عليها أن تطرح قضية نشر قوات حفظ السلام في فلسطين، وإقناع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بعدم استخدام "الفيتو" ضد هذا المقترح.

إذا تم إقرار هذا الوضع، ستنجح قوات حفظ السلام في وقف أي تجاوزات على الأراضي الفلسطينية، مما سيشكل أولى الخطوات نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لتنعُم المنطقة بسلام دائم.