رغم التضييق الإسرائيلي على الضفة الغربية، والذي ازداد حدة بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، شكلت اتفاقية التصدير الأخيرة مع الأردن بارقة أمل جديدة لإنعاش التجارة والاقتصاد الفلسطيني. هذه الاتفاقية تمثل خطوة مهمة في تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين الشقيقين، وتبث الأمل في نفوس الفلسطينيين الذين ينتظرون أي انتعاش لاقتصاد بلدهم.

بموجب هذه الاتفاقية، تقدم العديد من التجار المحليين إلى رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الزراعة مطالبين بتنازلات من شأنها أن تساعد في خفض الأسعار في الأسواق الفلسطينية وتعزيز التجارة داخلها.

أما عن الدور الأردني الداعم لفلسطين، فهو دور تاريخي وحيوي لا جدال فيه. يصرّ الأردن على اتخاذ خطوات ملموسة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة اقتصادياً، وقادرة على العيش بسلام وانسجام مع جيرانها.

وكان الأثر الإيجابي للأردن في دعم فلسطين واضحاً، خاصة مع اشتداد الحصار بعد أحداث "طوفان الأقصى". فرغم كل الحملات التي تسعى لتشويه موقف الأردن، إلا أنَّ الأردن لا يزال يقدم كل الخير للفلسطينيين. ظهر هذا جلياً في تصاعد الحراك الشعبي والجماهيري الأردني الرافض للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، والدعوة إلى مقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية، وكذلك إفشال محاولة تسلل مسلحين عبر الحدود الأردنية لتنفيذ عملية مسلحة في يافا. كما شهدنا التزام الشباب الأردني بالتنديد بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان غزة، ورفض الحصار المفروض عليهم حتى الآن.

إقرأ أيضاً: حماس بين الإملاءات الأميركية والضغوط القطرية

كل هذا يؤكد أنَّ موقف الأردن، حكومة وشعباً، تجاه القضية الفلسطينية واضح وثابت: أن ينال الشعب حريته برفع الاحتلال عنه وما يتبعه من حصار اقتصادي وسياسي واجتماعي، وكذلك إنهاء الكارثة الإنسانية في القطاع ووضع حد للمجاعة التي فرضها الاحتلال على أهل غزة.

ولأنَّ القضية الفلسطينية تتجلى فيها أبعاد وطنية وقومية ودينية، يتركز الخطاب السياسي الأردني على ضرورة أن تفضي أيّ عملية سياسية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس، والاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه ووطنه وإنهاء الاحتلال.

كما ينادي الأردن دائماً بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة، ووضع حل نهائي لقضايا اللاجئين والقدس، دون القبول بأيّ ترتيبات لا تصون وتلبي بشكل كامل مصالح الشعب الفلسطيني أو القضية الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: هل يعي حزب الله خطورة الانزلاق إلى حرب إقليمية؟

وآخر التحركات الأردنية كانت اتفاقية التصدير الأخيرة، التي تشير إلى أنَّ العلاقات بين فلسطين والأردن هي علاقات أخوية لا تشوبها شائبة. بالإضافة إلى ذلك، قد تحرك هذه الاتفاقية المياه الراكدة في شرايين الاقتصاد الفلسطيني، أو تكون بداية لحملة دعم دولية لهذا الاقتصاد الذي أضعفه الاحتلال.

هذا الدور الأردني ساهم في حملة دعم عالمية لفلسطين. حتى أن قمة دول منظمة السوق المشتركة لأميركا الجنوبية (ميركوسور)، التي حضرها قادة البرازيل وأوروغواي وباراغواي، بالإضافة إلى بوليفيا التي دخلت رسمياً كعضو في المجموعة، شهدت رفع البرازيل طلباً إلى باراغواي، الرئيس الدوري الحالي للمنظمة، للمصادقة على طلب اتفاقية التجارة الحرة مع دولة فلسطين.

يعني هذا الطلب البرازيلي تقديم الدعم الاقتصادي لفلسطين، ومد يد العون لاقتصاد البلاد أو إعطائه قبلة حياة جديدة، تنعكس إيجاباً على حياة هذا الشعب. كما أنَّ الاتفاقية تمثل مساهمة ملموسة في إقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة والبقاء بفضل دعم الأشقاء، وأبرزهم الأردن.