لبنان مهدد الآن بحرب مماثلة لما حدث في غزة، حيث يصر حزب الله على استفزاز إسرائيل وإقحام البلاد في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل. ومع زيادة التوتر بين الطرفين يوماً بعد يوم، تزداد مخاوف المدنيين من احتمال نشوب حرب شاملة.

حالياً، تُوجّه إسرائيل قذائف يومية نحو الجنوب اللبناني، خاصة نحو قرى مزارع شبعا والنبطية وغيرها من مناطق تمركز عناصر حزب الله، فتدمر بيوتاً وتقتل مدنيين، مما يتسبب في تداعيات خطيرة تتعلق بالمنطقة ككل.

ومؤخراً، شهد جنوب لبنان أعنف تصعيد من قبل تل أبيب، حيث سقط عدد من المدنيين بين قتلى وجرحى خلال استهداف لقيادات في حزب الله في بلدات منها مجدل سلم وشقرا. وقد قُتل 516 شخصاً، معظمهم من المسلحين و104 مدنيين، منذ بداية هذا النزاع، مما يشير إلى حرب شبه باردة لكنها مشتعلة بين الطرفين، والتي لن تهدأ إلا بتسويات سياسية جديدة في المنطقة.

في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية للجنوب اللبناني، وإصرار حزب الله على التصعيد ضد تل أبيب، يسقط المدنيون ضحايا للطرفين، وتتفاقم معاناة اللبنانيين أكثر في ظل تأزم الوضع الاقتصادي للبلاد. فالحرب ستؤدي بالتأكيد إلى شل الاقتصاد، وبالتالي زيادة المعاناة وسوء الأحوال المعيشية.

إقرأ أيضاً: متى ترفع إسرائيل يدها عن مستشفيات غزة؟

وفي ظل قرع طبول الحرب، قد يؤدي هذا التصعيد الثنائي إلى توسع رقعة الحرب لتصبح إقليمية. ومن بين الاحتمالات أيضاً حدوث اجتياح بري إسرائيلي للبنان، مما سيدخل البلاد في مسار جديد شبيه بالمسار الفلسطيني. فكل المعطيات الحالية تشير إلى وقوع حرب وشيكة أو احتلال للبنان، في حالة فشل الجهود الدبلوماسية الدولية في دفع حزب الله إلى التراجع عن الحدود الشمالية مع إسرائيل، وكذلك في إقناع إسرائيل بالكف عن ضرب قرى الجنوب واستهداف المدنيين وتوسيع جبهة الحرب.

وإذا اندلعت الحرب فعلياً بين حزب الله وإسرائيل، فقد يدخل لبنان مرحلة تاريخية هي الأسوأ على الإطلاق. فمع تراجع قدرات حزب الله أمام إسرائيل، ستدخل البلاد في حروب شوارع وجبهة قتال مفتوحة، يدفع ثمنها الشعب وحده.

ورغم امتلاك حزب الله ترسانة أسلحة ضخمة، إلا أنه لن يستطيع مجاراة إسرائيل، خاصةً أنَّ الولايات المتحدة الأميركية تدعمها عسكرياً بكل قوة، ولن تقبل بأي انتصار آخر في المنطقة على حساب إسرائيل.

إقرأ أيضاً: هل ينجح الغرب في إسكات الأصوات المتضامنة مع فلسطين؟

ومن الجهة اللبنانية، تشتعل جبهة بيروت وسط شكوى اللبنانيين من نقص الوقود، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد. وحتى لو استبعدنا سيناريو الحرب وافترضنا سيناريو الإصلاح الاقتصادي، فإنَّ البلاد تحتاج إلى خطة تعافي لمدة 10 سنوات حتى تنضج ثمارها.

لكن الدعم الجزائري الفوري للبنان بالوقود لمواجهة أزمة الكهرباء، بعدما وجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتزويده فوراً بكميات من الوقود، هو دليل قوي على دعم الأشقاء في الأزمات. لكن هذا الدعم لن يحل مشكلة لبنان، بل هو مجرد حل مؤقت للأزمة.

وبعد كل هذه الأوضاع الكارثية وسيناريو الحرب الإسرائيلية الوشيكة والنزيف الاقتصادي المستمر، هل يعي حزب الله خطورة الانزلاق إلى حرب إقليمية على لبنان؟