في الأسبوع الماضي، قدّم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تشكيله الوزاري إلى البرلمان. بزشكيان ليس لديه خطة سوى تنفيذ سياسات المرشد الأعلى علي خامنئي، مما يعني أنه، كما أعلن قبل الانتخابات، يريد الاستمرار على نفس نهج الرئيس السابق إبراهيم رئيسي. إنها خطة تهدف إلى أقصى درجات القمع في الداخل والتحريض على الحرب في الخارج، لعرقلة الانتفاضة القادمة.

وفي هذا السياق، قالت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، إن تشكيلة الحكومة هي خليط من عصابات مختلفة، وفي الواقع تُعد صفعة على وجه عصابة الإصلاحيين المزيفين وأولئك الذين كانوا يتطلعون إلى بزشكيان، لتحذرهم وتنبههم إلى أنه في هذا النظام، السيطرة التامة للولي الفقيه، ولم تحدث أي تغييرات إيجابية نحو الاعتدال والإصلاح، ولم يتراجع الولي الفقيه عن مواقفه. الحقيقة هي أن هذا النظام غير قابل للإصلاح من الأساس، وليس لبزشكيان ثقل في توازن القوى بين العصابات الداخلية للنظام.

بالطبع، لبضعة أسابيع، أبدى أفراد من التيار الإصلاحي مثل محمد جواد ظريف، الذين يشعرون بقلق شديد بشأن الإطاحة بالنظام، ضجيجًا كأن معجزة ستحدث مع بزشكيان، أو عناصر مثل عباس عبدي الذين كانوا يعتقدون أن سياسة تسوية الأجنحة السياسية قد فشلت، وخلصوا إلى أن هذه العملية قد تفتح نافذة نحو الإصلاح، وهو بالطبع وهم آخر لم يستمر أكثر من بضعة أسابيع.

ظريف، الذي كان يعمل بصفة القائم بأعمال بزشكيان خلال انتخابات النظام المزيفة، وكان متوهمًا بوجود انتخابات حقيقية في نظام ولاية الفقيه، ويعتقد أنه يستطيع تقليد الأميركيين ويصبح رئيسًا للمجلس الاستراتيجي لاختيار الوزراء الجدد، أعلن استقالته من منصب نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية إثر إعلان أسماء وزراء بزشكيان. بغض النظر عن الأسباب الموجبة لهذه الاستقالة، فإن استقالة ظريف تشرح كل شيء. ونذكر أن له تاريخًا في هذه المناورات من قبل، وهذه هي المرة السادسة التي يطرح فيها موضوع الاستقالة منذ عام 2019.

واعتذر ظريف في استقالته للشعب عن عدم قدرته على متابعة القضايا في أروقة السياسة الداخلية. وهذا يعني ببساطة أن الولي الفقيه قد صفعه لينتبه ويحذر جيدًا.

وفي مقال أراد ظريف أن يستعرض فيه إنجازًا، قال: "من بين 19 وزيرًا تم ترشيحهم اليوم، 6 كانوا المرشح الثاني أو الثالث، وواحد كان المرشح الخامس للجان أو المجلس الاستراتيجي؛ أي أن الوزارة أُعطيت لثلاثة فقط من المرشحين الرئيسيين". وأقر ظريف بعدم وجود النساء والشباب والأقارب في هذه الحكومة كما وعد. وقد تم التراجع عن وعد تشكيل حكومة شابة، وبلغ معدل عمر وزراء حكومة إبراهيم رئيسي 53 عامًا، بينما يبلغ عمر تشكيلة حكومة بزشكيان حوالى 60 عامًا. كما أن الوزارات الحساسة هي في أيدي التابعين لخامنئي.

بالطبع، يبدو أن الأمر لا يتعلق بالاستقالة فقط، بل كان هناك الكثير من الضغوط لإقالته. وكتب "كيهان" أن ظريف ذكر أن سبب انسحابه هو الشك في جدوى استمراره ومنع تعطيل عمل الحكومة. وأكد ظريف أخيرًا أن أبناءه يحملون الجنسية الأميركية، لكنه ادعى أن هذه الجنسية كانت إدارية (قسرية) وليست مكتسبة.

إقرأ أيضاً: تحدي خلافة خامنئي: هل يشكل مسعود پزشكيان حلاً أم تهديداً جديداً للنظام؟

وقال عضو برلمان النظام، الملا حميد رسايي، إنه بموجب المادة الثانية من قانون تعيين الأشخاص في الوظائف الحساسة، يُمنع تعيين الأشخاص المذكورين في مناصب حساسة مثل نائب رئيس الجمهورية، إذا كانوا هم أو أطفالهم أو أزواجهم يحملون جنسية مزدوجة. وأضاف: "من فضلك لا تستغل استقالتك القسرية لتبرير قبولك بالأوامر التي فرضت عليك".

وزير الخارجية، عباس عراقجي، قال موجّهًا ضربة إلى ظريف: "أنا لست عضوًا في عصابة نيويورك، وأنا خاضع لقانون العمل الاستراتيجي. رؤيتي للعالم هي نفسها التي كانت خلال فترة وجودي في الحرس الثوري. وفي الحكومة الرابعة عشرة، يستمر نهج رئيسي وأمير عبداللهيان في العلاقات مع دول الجوار. لا يوجد فرق بين الميدان والدبلوماسية. يجب أن يصل هذان الاثنان إلى نفس الإنجاز، لأن الدبلوماسية ليس لها قوة بدون الميدان".

وكتب موقع "تحكيم ملت" الحكومي: "من أجل فهم مدى كوميدية الوضع، كان لـ10 من أصل 19 وزيرًا في حكومة بزشكيان المقترحين مناصب في حكومة إبراهيم رئيسي... مرحبًا بكم في حكومة إبراهيم رئيسي الثانية".

إقرأ أيضاً: لا يمكن إصلاح نظام ولاية الفقيه

كتب كسائي زاده، أحد العناصر الإعلامية للنظام: "لقد صفعت تشكيلة الحكومة الرابعة عشرة العديد من الناخبين، وأثارت عدم الثقة في المجتمع. ولم يكن من المفترض تشكيل حكومة عسكرية وأمنية".

قال محسن رناني، خبير النظام، لبزشكيان: "ما هو طعم هذه القوة التي لا تستغني عنها؟ أين هي الوعود التي وعدت بها؟ لماذا لا تملك الشجاعة لتأتي وتقول كل شيء بعد شهر من اختيارك؟ لماذا لا تأمر بتفكيك دورية الإرشاد وإزالة الحجب على الإنترنت، وإذا لم يفعلوا ذلك، تطردهم؟"

نعم، هذا جزء من الحرب والاقتتال الداخلي في النظام الإيراني، الذي يتعمق كل يوم.