شهد الثامن من كانون الأول (ديسمبر) الجاري سقوط النظام الحاكم في دمشق، منهياً حكم آل الأسد لسوريا والذي استمر 54 سنة، بسطت خلالها العائلة نفوذها على كل مؤسسات وأجهزة الدولة وأحكمت قبضتها على مقدراتها، مع ما رافق ذلك من اعتقالات تعسفية وزج للمتهمين في السجون من دون محاكمات. وقد ترافق ذلك مع اجتياح ما سُمي بالربيع العربي، الذي جلب الويل والدمار والخراب لبعض الدول العربية، عوضاً عن أن يحمل الخير والسلام والأمان لشعوبها ويخلصها من ظلم السلطات الحاكمة، وما صاحبه من تدمير البنى التحتية فيها وإشعال فتيل الحرب الأهلية والطائفية.

وقد نالت سوريا نصيبها من هذا الربيع، الذي استمر 13 سنة، حاملاً التدمير والخراب، والعقوبات الاقتصادية، والعزلة الدولية، وتهجير الملايين من أبناء سوريا، وسيطرة التنظيم الإرهابي داعش على مساحة كبيرة من الأرض السورية. وقد ثم القضاء على هذا التنظيم بعد عبثه بالمجتمع وارتكابه أبشع الجرائم بحق المواطنين العزل، مثل القتل على الهوية، والنحر في الشوارع العامة، وسلب واغتصاب النساء، وقتل كل من يخالفه في الفكر والثقافة.

وما زال كثيرون يخرجون ويقولون إن داعش صناعة أميركية وإسرائيلية. وعليه، وباعتبار أنَّ أبا محمد الجولاني (أحمد الشرع) كان من قادة هذا التنظيم الإرهابي، فهو إذاً رجل أميركا وإسرائيل أيضاً، وينفذ أجندتهما ويحقق أهدافهما في المنطقة. ويمكن ملاحظة ذلك في تصريح الشرع الأخير، حيث قال إنه لن يكون هناك صراع مع إسرائيل، ولن يهاجمها، ولن يسمح أن تكون سوريا نقطة انطلاق لهجمات ضد إسرائيل.

سوريا في طريقها إلى الفوضى والحرب الأهلية. ومع الأسف، شاهدنا جميعاً عمليات السرقة والنهب التي حصلت بعد سقوط النظام، كما حدث في العراق، حيث بدأ البعض بسرقة المصرف المركزي السوري. يا جماعة، هذه الأموال ملك الشعب السوري وليست ملك عائلة الأسد. حتى أدوات المطبخ، من الصحون والملاعق، لم تسلم من السرقة والنهب. والأسوأ أن كثيرين يبررون هذه الأعمال.

بدوري، أقول لهؤلاء: إذا طرح المرء نفسه بديلاً عن شخص ما، فعليه أن يكون أحسن منه في كل أعماله وتصرفاته وأخلاقه. ومع الأسف، قد يكون هؤلاء أسوأ ممن مضى، كما حدث في العراق، حيث الشعب العراقي يترحم على أيام صدام حسين. الخوف أن يأتي يوم يندم فيه الشعب السوري على فرحته في هذه الأيام.

إقرأ أيضاً: نابليون العربي والملك المخلوع

نعم، الشعب السوري يفرح لسقوط النظام، وهذا من حقه. لكن منذ اللحظة الأولى، قامت إسرائيل وما زالت تواصل تدمير المطارات الحربية السورية، والقطع العسكرية، والأسطول البحري، وكل الطائرات الحربية. أصبحت سوريا بلداً منزوع القدرات العسكرية. ما يحزن النفس أن كثيرين فرحون بذلك.

يا ناس، يا بشر، الطائرات الحربية ليست ملك بشار الأسد، والعتاد العسكري ليس ملكه، والأسطول البحري ليس ملكه، وإنما هو ملك الشعب السوري. الأسوأ أن أحدهم فرح بأنه جعل الدبابة بسطة لبيع الخضار. أقول لهذا الشخص إن هذه الدبابة ليست ملك بشار، وإنما هي ملك الشعب. ولكن هيهات أن يعي هؤلاء الأمور.

الشرع المصنَّف هو وتنظيمه على لائحة الإرهاب، شارك في القتال مع تنظيم القاعدة في العراق، ثم قُبض عليه وقضى خمس سنوات في السجن الأميركي. بعد الحراك في سوريا، أرسله أبو بكر البغدادي إلى سوريا. انفصل عن القاعدة وأسس جبهة النصرة. أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات عنه. الآن، تدرس أميركا والدول الأوروبية نزع صفة الإرهاب عنه وعن تنظيمه.

إقرأ أيضاً: القشة التي قصمت ظهر البعير

يقول الشرع إنَّ المقاتلين الأجانب جزء منهم، وسيحميهم ويجب مكافأتهم. ليس غريباً أن يستلم هؤلاء مناصب إدارية وسياسية في سوريا. يا رعاك الله، الأفغاني والباكستاني وغيرهما يريدون الحرية للشعب السوري ويريدون تطبيق الديمقراطية في سوريا وكأن بلدانهم تنعم بالديمقراطية والحرية. يا للعجب.

وشر البلية ما يضحك أنَّ الحكومات العربية اجتمعت وتجتمع لتنادي بتطبيق الديمقراطية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا، وكأن شعوبها تنعم بالحرية والديمقراطية والانتخابات الحرة تجري فيها.

الله يكون في عون الشعب السوري ويحميه من كل شر.