المرء يسأل نفسه بعد العملية (طوفان الأقصى) التي قامت بها حركة حماس ضد عدوها التاريخي اسرائيل وقتلها وأسرها لعديد من اليهود، فهي لم تفرق بين العسكري والمدني وحتى أنها أسرت كبار في السن ليس لهم ناقة ولا جمل في المعمعة بين الشعب الفلسطيني والاسرائيلي، ماهي المكاسب والخسائر للشعب الفلسطيني؟. ففي العلاقات والتصرفات والأفعال التي تقوم بها الدول، فهي ومن الطبيعي قبل أن تقوم بأي شئ فهي تحسب المكاسب التي سوف تحصل عليها من جراء قيامها بأي عمل وكذلك الخسائر التي سوف تتعرض لها في حال قيامها بذلك الفعل، فإذا كانت المكاسب أكثر من الخسائر فسوف تقوم بتلك الأفعال وإذا كانت الخسائر أكثر من المكاسب فهي ستكف عن ذلك. وعليه فالسؤال الذي يطرح نفسه على قادة الحماس ومن يقف ورائهم هل لجؤا إلى هذه النظرية وأخذوا تلك المعايير بالحسبان؟

وهنا لا نقول بأن الفلسطيني ليس له الحق في الدفاع عن نفسه وممتلكاته، حيث ظاهر للقاصي والداني ما تقوم به الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في تهجير الفلسطينيين وقلع الأشجار وبناء المستوطنات على أرض الفلسطينيين وزج المقاوميين في السجون وحرمانهم من التواصل مع الوسط الخارجي، ولكن هذا لا يبرر ما يقوم به بعض الفلسطيين بطعن المدنيين في الشوارع بالسكاكين ونشر الرعب والخوف بين صفوف المدنيين.

ونحن لا نبرر لأي طرف مهما كانت ديانته أو قوميته او مذهبه بالقيام بأي عمل يثير الخوف والرعب بين الشعوب، ولسنا مع اللجوء إلى العمل المسلح في حل الخلافات والقضايا العالقة، فقد أثبتت التجارب التاريخية بأنه أي نزاع أو خلاف لم يحل بلغة السلاح وانما تم ذلك بالحوار والتفاوض بين الجهات المتنازعة، وعليه فعلى جميع القوى في مختلف بقاع الأرض اللجوء إلى لغة الحوار في حل القضايا العالقة بينها. وعلى الشعب الفلسطيني أن يدرك ولا يعتمد ولا يأمل أن تقوم الحكومات العربية بنصرته، فهذه الحكومات نائمة في سبات طويل ولا يهمها غير مصالحها والعروش التي يتربعون عليها، فهيهات أن يستفيقوا من ذلك السبات المميت.

على المجتمع والمنظمات الدولية أن تبتعد عن سياسة الكيل بمكياليين في النظر إلى حقوق وحريات الشعوب، وأن تعي بأنه هناك قضيتين في الشرق الأوسط يجب حلهما وهما القضية الفلسطينية والقضية الكردية، فهما الشعبان الوحيدان ليس لهما دولة تعترف بها القانون الدولي وليمارس الشعب في كل دولة أعماله وفق قوانين ودساتير دولته، ولكن ومع الأسف نرى المجتمع الدولي يغض النظر عن حقهما في العيش تحت مظلة دولته. فعلى مرمى عيون المجتمع الدولي تقوم الدولة التركية بتدمير البنية التحتية للمناطق التي يسكنها الشعب الكردي في سوريا، فهي تقوم بقصف المصانع والمعامل التي يقتات منها الشعب وتقصف المحطات الكهربائية، وهي تهضم حق الشعب الكردي في تركيا وتمنعه من ممارسة حرياته الطبيعية والمكتسبة وكل ذلك لا يتحرك المجتمع الدولي ساكناً. وعليه فأن الشرق الأوسط لن يهدء حتى تحل هاتين القضيتين. وعلى الشعب الفلسطيني والاسرائيلي أن يسأل نفسه: هل كان بين القتلى أحد أبناء نتنياهو أو احد أبناء إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحماس؟ وهل سأل الشعب الفلسطيني نفسه عن مصدر المليارات التي يمتلكها السيد هنية في كل من قطر وتركيا؟