بعد أكثر من 15 شهراً من حرب مدمرة غير مسبوقة على قطاع غزة، جنحت الأطراف المتصارعة أخيراً إلى طاولة المفاوضات. عبر التاريخ، ما كان يبدأ بالحرب كان ينتهي بطاولة المفاوضات.
هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي قامت به حماس أدى إلى تدمير أجزاء واسعة من قطاع غزة. نعم، لقد أخطأت حماس؛ لقد وضعت كل البيض في السلة الإيرانية وابتعدت عن الحضن العربي، ولكن هذا يمكن تجاوزه الآن بإعادة قراءة المشهد من جديد.
في عام 2002 في بيروت، قدّم العرب ما سُمِّي لاحقاً المبادرة العربية، والتي هي في الأساس مبادرة سعودية، وهي فرصة حقيقية وجادة لإحلال السلام وإنهاء الاحتلال، شريطة الضغط الدولي وفق مخرجات قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. لكن هذا، للأسف، لم يحدث حتى الآن.
في 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2024، أنشأت الرياض مع شركائها تحالفاً دولياً هدفه دعم حل الدولتين. أدركت السعودية أن المنطقة لن تنعم بالسلام والاستقرار إلا بخيار حل الدولتين.
لكن بغياب السلام، ما هو البديل؟ حرب أخرى مدمرة ضد الفلسطينيين، حرب تُنهك إسرائيل وتستنزف جهودها العسكرية والسياسية والاقتصادية، ثم لا شيء في النهاية. وتضطر إسرائيل بعدها للرجوع من جديد إلى طاولة المفاوضات للحصول على ما عجزت عنه حرباً.
إنَّ حق تقرير المصير وحل الدولتين، وفق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، أصبح أمراً دولياً مجمعاً عليه.
تبقى المشكلة في عقلية اليمين الإسرائيلية التوسعية. ما زال قادة اليمين الإسرائيلي يحلمون بالحروب الخاطفة، الحروب السريعة، كحربي 1948 و1967، ثم احتلال الأراضي وطرد السكان بكل سهولة.
هذه الحروب أصبحت من الماضي ولن تتكرر أبداً. وقد استوعب الفلسطينيون والعرب الدرس جيداً.
بالأمس، صرّح وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن قائلاً: "أوضحنا للحكومة الإسرائيلية أن هزيمة حماس لا يمكن أن تتحقق عبر حملة عسكرية فقط!", لذلك تبقى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومشروع حل الدولتين هي المرجعية النهائية لأي حل سياسي مستقبلي.
هذا الاعتراف أتى متأخراً لكنه أتى. وركن الجميع الآن إلى المفاوضات، وتم الاتفاق على تبادل الأسرى. فهل يؤسس هذا لسلام حقيقي مستقبلي؟ أم أنها استراحة محارب سرعان ما تعود بعدها طاحونة الحرب للحركة من جديد؟






















التعليقات