قد تضع الحرب المقتلة على غزة أوزارها أبداً وقد لا تتوقف أبداً، فقد وصلت قضيتنا اليوم إلى منتهاها، أكان ذلك سلباً أو إيجاباً، وكلا الأمرين بيدنا نحن الفلسطينيين. فإن تمكّنا من الاصطفاف جميعاً تحت سقف برنامج سياسي وطني كفاحي جامع واحد وموحّد لكل الشعب وقواه، فإن أحداً لن يتمكن من إدارة ظهره لقضيتنا، بعدما أعلن أنه بات يؤمن ويؤيد حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال.

شعوب العالم قاطبة أعلنت تأييدها المطلق للشعب الفلسطيني.

الدول التي ظلّت لعقود وفية لعلاقتها بالصهيونية نفضت يديها ولو في العلن.

حتى الدول التي ترغب باستمرار علاقتها بالاحتلال باتت تخجل من علنية هذه العلاقة.

العالم الرسمي لا يستطيع إدارة ظهره لإرادة الشعوب.

الشعوب العربية التزمت الصمت، لكنها لن تفعل إن عاد الاحتلال إلى المقتلة.

الاحتلال نفسه يفقد آخر ورقة بيده لتبرير الجريمة، وهي ورقة الأسرى.

موحّدون، لن يجد أيّ من دول العالم عربياً، إسلامياً أو دولياً مبرّراً لكي يدير ظهره عن القضية.

فلسطين معها الكل العالمي، بما في ذلك المختلفون؛ فمعها محور المقاومة ومن يعاديه ومن يقف على الحياد، معها روسيا وأوروبا وهكذا، فالعالم لم يعد يتفق إلا على فلسطين، وليس أكثر من هذا قوة.

بالنسبة إلى الخطة الحالية، لم يعد الفلسطينيون وحدهم، بل معهم العرب والمسلمون أو أهم دول في هذا العالم.

وحدتنا أداة نصرنا وهي بيدنا، وفرقتنا أداة هزيمتنا وهي بيدنا، ونحن من سيختار.

القضية الفلسطينية باتت تهدد أميركا ومشاريعها ليس في المنطقة فقط بل في العالم، وموقف كولومبيا والبرازيل وتشيلي وكوبا أكبر دليل على ذلك.

الولايات المتحدة مهددة فعلاً بخسارة شراكات وحلفاء مهمين كتركيا وباكستان وإندونيسيا والسعودية ومصر والأردن وغيرهم، بعد أن كادت تدمّر تلك العلاقات في الموقف من الاعتداء على قطر.

وحدة الكل الفلسطيني، كما جاء في رد حماس والمقاومة على خطة ترامب، هي الفرصة الأخيرة لاستعادة ذاتنا، فإن أدرنا الظهر لنا لن نجد من يؤيدنا، وإن وجدنا سيكون ضعيفاً بضعفنا. ومن يبحث عن بوابة للهروب سيجد في انقسامنا على حقوقنا وقضيتنا أفضل باب لهروب له ما يبرّره، فلن يكون أحد هذه المرة ملكاً أكثر من الملك، فإن تنازل الفلسطينيون عن أن يكونوا كذلك، فلا أحد سيملأ خانة شعب آخر إن خلت من أهلها.

آخر الفرص هي هذه الفرصة أمام قيادة القوى والفصائل، فمن أراد النصر لفلسطين عليه أن ينتصر بها لنفسه، ومن أراد لها الهاوية عليه أن يدرك أنه سيسبقها إلى هاوية بلا قرار. وقد تستعيد الشعوب يوماً قوتها، لكن أيّاً من هؤلاء لن يكون إلا علامة لا يتمنى هو شخصياً أن يذكرها أحد. فهل سيحرص قادة هذا الشعب على أنفسهم عبر الحرص على شعبهم وقضيتهم وبلادهم، أم أنهم سيفرّطون بذواتهم وبلادنا وبنا؟