في ظل التحول التدريجي للمؤسسات الحكومية والشركات في العراق إلى التعاملات الرقمية يصبح تأثير هجمات مثل الفيروسات على البنية التحتية وقواعد البيانات كارثة وطنية فيما لو نجحت في اختراق الأنظمة المحلية. وبالفعل فقد اخترق مجهولون quot;سيرفرquot; وزارة التعليم العالي العراقي عام 2011. ويرى أغلب خبراء البرمجيات في العراق ان أكثر ما يهدد الهواتف المحمولة والحواسيب هي برامج التجسس spyware .
شباب عراقيون في أحد مقاهي الإنترنت |
بغداد: يعاني أكثر العراقيين من هجوم الفيروسات الرقمية لحواسيبهم، وفي وقت يتسابق فيه الجميع على اقتناء البرامج الرقمية المستنسخة وغير الأصلية لاسيما مضادات الفيروسات التي ترفض quot;التحديثquot; لعدم شرعيتها .
ويقول مهندس الحاسبات حسام الدايني أن أغلب العراقيين يلجأ إلى quot; الفرمتةquot; باعتبارها الحل الوحيد للتخلص من الفيروسات .
ويكلف تنصيب الحاسوب في كل مرة نحو ثلاثين ألف دينار عراقي (حوالي 30 دولارا) وهو مبلغ يؤرق أبو هشام الذي لا يمتلك أي خبرة في مجال الحاسوب .
يقول اأبو هشام : في كل مرة يحصل فيها خلل في الجهاز فان السبب هي الفايروسات.
ويضيف : اشتريت برنامج مضاد للفيروسات، بما يعادل دولارين اميركيين، لكن تبين ان هذه البرامج غير فعالة لأنها غير شرعية .
القرصنة الالكترونية
وتسود أغلب متاجر الحواسيب ملايين من نسخ البرامج التي استنسخت بعدما تم قرصنتها عبر الشبكة العنكبوتية .
وفي ذات الوقت فإن سعر مضاد الفايروسات الأصلي في العراق يبلغ حوالي مائة وعشرين الف دولار عراقي ( 100 دولار اميركي ) وهو مبلغ ضخم يصعب على اغلب العراقيين توفيره لحماية الحاسوب .
وتسود العراق أمية الكترونية فاضحة لاسيما بين الكبار في السن، وفئة واسعة جدا من الشباب .
ويشدد خبير الحاسوب تقي سيد احمد من بغداد على ضرورة اقتناء برامج الفايروسات الأصلية في العراق، لكي يتجنبوا هجمات قراصنة الانترنت. ويدعو تقي أيضا إلى عدم زيارة المواقع المشكوك بها مثل المواقع الجنسية والمنتديات غير المعروفة، لأنها في الغالب تكون مصيدة للإيقاع بالزبائن .
عشرة جراثيم رقمية خلال شهر
واضطر الطالب الجامعي رحيم حسن إلى quot;فرمتةquot; حاسوبه العام 2011 ثلاث مرات بسبب تعرضه إلى هجوم فايروسي .
وأضاف: اشتريت النسخة الأصلية من مضاد الفايروسات كاسبر، حيث اكتشف حوالي عشرة جراثيم رقمية خلال شهر. ويقول حسن إن العراقيين حديثو التجربة بالبرمجيات، لكنهم بدؤوا يدركون حقيقة البرمجيات الرخيصة المنتشرة في الأسواق حيث انها غير عملية كما انها تكون في غالب الأحيان سببا في تعطل الكومبيوتر أو حتى إصابته بالفايروسات .
ومع انتشار الانترنت في العراق بشكل واسع أصبحت الحاجة اليوم ملحة لبرامج مكافحة الفيروسات، لتجنب انهيار أنظمة الحواسيب. ويشير تقي إلى قلة خبرة العراقيين في العالم الرقمي التي تتيح للمستخدم التعامل بثقة مع رسائل البريد الإليكتروني . ويتابع: تحتوي الرسائل المشبوهة على برامج مؤذية هي في الغالب ملفات ملحقة يفتحها المستخدم بلا حذر.
ويتلقى العراقيون ملايين الرسائل عبر الهواتف الجوالة او البريد الالكتروني هي عبارة عن برامج دعائية تثير حنق المستخدم .
ولا يعرف الكثير من العراقيين طرق تجنبها بحسب المبرمج أحمد رحيم. ويعتقد أحمد أن ذلك ناتج عن الأمية الالكترونية.
ويضيف: دليل تلك الأمية الالكترونية المتفشية ان العراقيين لا يعرفون من وسيلة للتخلص من الفايروسات سوى quot; فرمتة الجهاز quot;. و بالتأكيد فإن ذلك ليس أسلوبا عمليا .
وتنتشر بين العراقيين عادات رقمية سيئة، صارت هي القاعدة في التعامل مع الانترنت. ومن ذلك ان الكثير من مستخدمي الانترنت والحواسيب يقتني برامج أو تطبيقات لا يعرف مصدرها.
ويقول احمد ان الكثير من الطلاب الجامعيين بحسب تجربته معهم (يحمّلون) برامج مجانية في الغالب، حيث يسعدون بحصولهم عليها من دون ثمن، لكنهم يكتشفون فيما بعد ان هذه البرامج لا تعمل جيدا .
ويقول طالب علوم الحاسبات قيس ثامر انه حمّل برنامج (اوفيس) المكتبي ليكتشف فيما بعد انه كان النافذة التي تسلل منها قراصنة الشبكة العنكبوتية إلى حاسوبه.
ولا يعير الكثير من العراقيين اهتمام - بحسب تقي - لقواعد الأمان، ومن ذلك ان البعض لا يلتزم باختيار كلمات المرور المعقدة والتي يصعب فك طلاسمها .
ويتحدث سليم الإمام وهو صاحب متجر لبيع البرمجيات ومكافحة فايروسات الحواسيب، ان عام 2009 شهد الكثير من حالات العدوى الالكترونية بالفيروسات عبر quot; البلوتوث اللاسلكيquot; في العراق .
وبحسب الإمام: في الغالب فإن التقنية المستخدمة في العراق إلى الآن تسمح لبقية الهواتف المحمولة، رؤية اعدادات البلوتوث على الهاتف المحمول مما يجعل منه هدفا مرشحا لاستقبال ملفات مصابة.
ويشير إلى إحدى الحالات التي عايشها، وهي انزال طالب جامعي نغمة من الشبكة العنكبوتية، ولأن هذه النغمة عبارة عن فيروس، فإنها انتشرت إلى عدد غير قليل من أصدقاء كريم، بعدما تبادل معهم النغمة عبر الموبايل .
وفي ظل التحول التدريجي للمؤسسات الحكومية العراقية والشركات إلى التعاملات الرقمية يصبح تأثير هجمات مثل الفيروسات على البنية التحتية وقواعد البيانات كارثة وطنية فيما لو نجحت في اختراق الأنظمة المحلية.
وبالفعل فقد اخترق مجهولون quot;سيرفرquot; وزارة التعليم العالي العراقي عام 2011، حيث أتلفت جميع البيانات .
ويرى اغلب خبراء البرمجيات في العراق إن اكثر ما يهدد الهواتف المحمولة والحواسيب هي برامج التجسس spyware والتي تحاول التطفل على المعلومات الشخصية للمستخدم، وتحاول استغلالها لأغراض سيئة .
وينصح خبير البرمجيات اكرم حسين، ببرامج الحماية على الهاتف والحواسيب antivirus ، لكنه يحذر من تكرار تجارب السنوات الماضية في الاعتماد على برمجيات مجانية بنسخ قديمة تعمل لفترة من الوقت ثم تتوقف، لكن المستخدم يظن انها تعمل .
ويشير حسين إلى ضرورة اقتناء برمجيات أصلية عبر شرائها من مصدرها الشرعي لضمان ادائها الجيد، ولكي لا نخسر الحواسيب والهواتف والتي يتطلب شرائها من جديد مبالغ كبيرة هي في كل الأحوال باهضة الثمن قياسا إلى سعر برمجيات الحماية .
التعليقات