توافقت الخطوات التي أعلنت بموجبها هذا الأسبوع شركة هوليت- باكارد أنها تدرس الآن إمكانية التخلي عن عملها المتعثر بمجال الحواسيب من أجل الاستثمار بشكل أكبر في عالم البرمجيات، واعتزام غوغل إتمام شراء شركة موتورولا موبيليتي، مع اتجاه حديث يبعث على التفاؤل بشأن النمو المستقبلي للاقتصاديات الأميركية والعالمية، على الرغم من موجة الاضطرابات التي عصفت أخيراً بأسواق الأسهم.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: يتمثل هذا الاتجاه، باختصار، في حالة الهيمنة الكبرى التي بدأت تحظي بها البرمجيات على الصعيد العالمي، في ظل قيام كثير من شركات الإنترنت البارزة الجديدة بتطوير أعمال تجارية حقيقية ذات نمو وهامش ربح مرتفعين وبالإمكان الدفاع عنها.

لم تغفل صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في معرض حديث لها بهذا الشأن أن تلفت إلى أن أسواق الأسهم تكنّ اليوم مشاعر كراهية تجاه قطاع التكنولوجيا، كما يتضح من خلال نسب الأسعار/ الربحية المنخفضة بالنسبة إلى كبرى شركات التكنولوجيا العامة. لكن الصحيفة ألمحت إلى أن قدراً كبيراً من النقاش مازال يدور حول التقويم المالي، في مقابل القيمة الجوهرية الكامنة لأفضل شركات وادي السيلكون الجديدة.

وشددت الصحيفة في تلك الجزئية على أن العالم يقف الآن في منتصف تحول تكنولوجي واقتصادي درامي كبير، تتحضر فيه شركات البرمجيات للاستيلاء على مساحات واسعة من الاقتصاد. وعلى نحو متزايد، بدأت تدار صناعات وأعمال تجارية كبرى عبر البرمجيات ويتم نقلها على أنها خدمات عبر الإنترنت ndash; بدءًا من الزراعة وانتهاءً بالأمن القومي.

وبعد مرور 6 عقود على الثورة الحاسوبية، ومرور 4 عقود منذ اختراع معالج المعلومات الدقيق، وعقدين على ظهور الإنترنت الحديث، بدأت تؤتي كل الطرق التكنولوجية اللازمة لتحويل الصناعات من خلال البرمجيات بثمارها في نهاية المطاف، وباتت هناك إمكانية لنقلها على نطاق عالمي.

ثم تحدثت الصحيفة عن تزايد أعداد مستخدمي الإنترنت الآن، بعدما وصل إلى أكثر من 2 مليار مستخدم، بعدما كان 50 مليون فقط قبل 10 أعوام. وتوقعت الصحيفة خلال السنوات العشر المقبلة أن يمتلك 5 مليار شخص على الأقل حول العالم لهواتف ذكية، ما سيتيح للأفراد عبر تلك الهواتف إمكانية الوصول الفوري إلى الإنترنت، كل لحظة على مدار اليوم. ومع انخفاض تكاليف الشركات المبتدئة واتساع نطاق السوق الخاصة بالخدمات الإلكترونية، كانت النتيجة ظهور اقتصاد عالمي سيتم ربطه بصورة رقمية تامة للمرة الأولى، وهو الحلم الذي لطالما راود كثيرين.

وهو ما بدأ يلمسه الناس في كثير من المجالات، عبر شركات من بينها quot;أمازونquot; وquot;نتفليكسquot; وquot;أبلquot; وquot;سبوتيفايquot; وquot;باندوراquot; وquot;زينغاquot; وquot;روفيوquot; وquot;بيكسارquot;. وهي الشركات التي يقدم كل منها منتجاتها الخاصة بها بشكل برمجي، كل في مجاله.

وإلى جانب تفوق الجانب البرمجي وحضوره بشكل لافت اليوم في عديد القطاعات، التي من بينها بيع الكتب إلكترونياً، وخدمات الفيديو، والموسيقى، والترفيه، والإنتاج السينمائي، والتسويق المباشر (غوغل)، والاتصالات (سكاي بي)، والتوظيف (كشركة ينكدين)، بدأت تستقطع البرمجيات اليوم جزءًا كبيراً من سلسلة قيمة الصناعات التي ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها قائمة أساساً في العالم المادي.

وتابعت الصحيفة حديثها في الإطار عينه بلفتها إلى توغل التقنيات البرمجية في قطاعات أخرى منها البيع بالتجزئة في العالم الحقيقي، كما هو الحال مع شركة وول مارت، التي تستعين ببرمجيات لتشغيل قدراتها اللوجستية وقدراتها المتعلقة بالتوزيع.

فضلاً عن ذلك التطور الذي شهدته في هذا الشأن شركات الغاز والنفط، وكذلك قطاع الزراعة، وصناع الخدمات المالية، والتعليم، والرعاية الصحية، والدفاع الوطني. وأكدت الصحيفة كذلك أن الشركات التي تعمل في كل الصناعات بات يتعين عليها أن تتدبر في أن طوفاناً برمجياً سوف يطولها ويحولها إلى الأفضل عما قريب.

في ختام حديثها، لفتت الصحيفة إلى تلك التحديات التي تواجه الشركات في هذا الجانب، ولخصتها في العوائق الاقتصادية الكبرى، والتعليم والمهارات اللازمة للمشاركة في الشركات الجديدة الكبرى، وأخيراً حاجة الشركات الجديدة إلى إثبات جدارتها.