-1-
لا أدري على ماذا استندت الإدارة الأمريكية من خلال quot;لجنة بيكرquot; الأمريكية التي شُكلت لدراسة الحالة العراقية بالتفاوض مع ايران وسوريا لتهدئة الوضع في العراق. ولا أدري على ماذا استندت الحكومة العراقية في دعوتها لوزير الخارجية السورية المُعلِّم لزيارة بغداد.
لقد سقطت الادارة الأمريكية والادارة العراقية في بئر عميقة من الغباء والتهاون والمساومة والاستكانة وعدم رؤية الواقع بالبصر والبصيرة.
فكيف تطلب هاتان الادارتان من سوريا وإيران التعاون هكذا وبكل بساطة على انجاح المشروع العراقي، وهما اللتان سعتا طوال أربع سنوات مضت لافشال هذا المشروع، وهدم العراق على رأس العراقيين للحيلولة دون نجاح العراق، في أن يكون النموذج الديمقراطي كما هو الحال الآن في كُردستان العراق، المثال المُحتذى للبناء الديمقراطي والاستقرار في العراق.
-2
ما هو ثمن كل هذا؟
ما هو ثمن أن تضبَّ سوريا وايران زعرانهما وارهابييهما، وتسمح للعراقيين ببناء عراقهم الديمقراطي المستقل والمزدهر؟
هل ثمن هذا عودة سوريا إلى لبنان، مكافأة لسوريا كما فعلت أمريكا بعد حرب الخليج 1991، وتعطيل قرار انشاء المحكمة الدولية، وطمر جريمة اغتيال رفيق الحريري، والانتهاء من هذا الملف، وافلات يد ايران في مشروعها النووي؟
إذن، وبكل صراحة، لقد كسبت سوريا وإيران المعركة ضد العراق، وضد لبنان، وضد أمريكا، وضد فرنسا، وضد العالم الحر كله كذلك.
ومبروك للسوريين والإيرانيين هذا النصر الباهر. والعزاء كل العزاء لخصومهم في المنطقة وفي الغرب.
-3-
لماذا الحوار مع سوريا وإيران فقط، بشأن العراق؟
هل هو اعتراف صريح من الادارتين الأمريكية والعراقية بأن سوريا وايران هما الدولتان اللتان هدمتا العراق، ونشرتا فيه الفوضى على هذا النحو الآن. لذا، فإن الادارتين الأمريكية والعراقية، تطلبان ممن هدم العراق أن يساعده على اعادة بنائه؟!
إنه، إذن اعتراف صريح، وبصمٌ بالأصابع العشرة من الحكومتين الأمريكية والعراقية، بأن سوريا وإيران هما وراء أكثر من نصف مليون ضحية عراقية، قضوا منذ 2003 إلى الآن، وهم وراء كل هذه الفوضى في العراق.
فما هو العقاب، وأين هو الحساب؟
هل الحساب والعقاب بدعوة جيمس بيكر إلى عقد مفاوضات مع إيران وسوريا، ودعوة وزير الخارجية السوري لزيارة بغداد؟
يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية، لا ينفع معها إلا عصا الارهابيين، وعصا من تُطلق عليهم المارقين. وها هي تحتضنهم من جديد، وتبوس أقفيتهم ورؤوسهم من أجل أن يخلصوها مما هي فيه.
بوركت سوريا كما هي قوية، وبوركت ايران كم هي قوية ومتحدية للشيطان الأكبر!
فاليوم يرقص بيكر مع الوزير المُعلِّم التانجو في بغداد. وغداً سترقص رايس مع أحمدي نجاد في طهران أيضاً.
-4-
لماذا تتحدى أمريكا مشاعر الشعب العراقي لحساب مصلحتها بدعوة الوزير المُعلِّم لزيارة بغداد؟
لماذا هذه الخديعة الأمريكية الخسيسة للشعب العراقي؟
لماذا أوصلته لنصف البئر، وقطعت الحبل؟
لماذا ترقص الإدارة الأمريكية التانجو مع سوريا على دماء وجثث الضحايا العراقيين؟
ما هي أهداف زيارة وزير الخارجية السوري إلى العراق؟
هل ليرى ويشعر بالفخر والاعتزاز، وينفش ريشه كالطاووس لما فعلت يداه الملطختان بدماء العراقيين في العراق؟
هل ليصافح ويبارك الارهابيين الذين بعثتهم سوريا إلى العراق، ويرى نتائج عملهم طيلة السنوات الأربع الماضية؟
هل ليتأكد بأم عينيه من الدم العراقي المهدور في شوارع بغداد، وأن ما يراه على شاشات التليفزيون ليس أكذوبة أو خدعة سينمائية، وإنما هو حقيقة واقعية؟
هل ليرى ويتشفّى بحزن العائلات التي قُتل رجالها وأطفالها ونسائها، ويقول للعراقيين هذا ما طلبتموه، وما أردتموه من الأمريكان، لكي يفعلوا بكم ما فعلوه؟
هل جاء ليحتفل بالنصر على quot;اسطورة العراق الديمقراطي الجديدquot; ؟
كان على الشعب العراقي أن يتظاهر بكثافة، ويمنع الوزير المعلم من النزول من طائرته في مطار بغداد، احتجاجاً على الجرائم التي ارتكبتها سوريا في العراق.
-5-
لقد كنا ننتظر من الإدارتين الأمريكية والعراقية أن تتخذ عقوبات صارمة بحق سوريا وإيران، حيث القاصي والداني يعلم بأن سوريا وايران هما من دمرتا العراق على هذا النحو الآن.
كنا ننتظر أن يُغلق العراق حدوده مع سوريا وإيران، ويضع مائه ألف جندي على حدود كل منهما حتى لا يخترق الحدود غُربان الارهاب الذين يتدفقون يومياً على العراق من هذه الحدود.
-6-
إن زيارة الوزير المُعلِّم للعراق نكسة كبيرة، وأولى الانكسارات الحقيقية لمشروع بناء العراق الديمقراطي الجديد. وهو اعتراف صريح من الإدارة الأمريكية الحالية ومن الإدارة العراقية الحالية، بأن الارهاب كان أقوى منهما. وأن مزارع الارهاب ومموليه سوف يستمرون في تقديم الهدايا اليومية المفخخة للشعب العراقي.
-7-
زيارة الوزير المُعلِّم للعراق هي زيارة لمقابر العراقيين الذين قتلهم الارهاب السوري والإيراني، حيث لا قراءة للفاتحة على هذه الأرواح، ولكن تلمظاً للعق مزيد من الدماء العراقية في الأيام القادمة.
السلام عليكم.
التعليقات