ردا على الدكتور شاكر النابلسي

طلع علينا السيد شاكر النابلسي في مقاله المنشور بموقع إيلاف تحت عنوان (القنبلة النووية الشيعية: هل هي المهدي المنتظر) جمع فيها أشتات المقالات وكأنه أراد أن يجعل منها درعا صاروخيا واقيا من الشيعة والمهدي المنتظر فضلا عن النووي الإيراني المنتظر!!.
ما هي العلاقة بين التقنية النووية وقريش والإمامة والأطماع التوسعية الفارسية وأبو حامد الغزالي ومحمد عمارة؟ وكيف جرى جمع كل هذه الأخلاط والأشتات في مقال واحد؟!.
إنها على ما يبدو عبقرية الزمان والمكان أو بمعنى أدق عبقرية واشنطن D.C..
الأستاذ النابلسي من موقعه في معسكر دعاة نزع السلاح النووي الإيراني أراد أيضا أن يتصدى لما أسماه بالغلو الشيعي حيث يقول: وكما غالى الشيعة في عصمة الإمام فقد غالوا أيضاً بعلم الإمام، والدليل على ذلك قولهم إن الإمام عالم بجميع الأمور التشريعية وبكافة الأحكام، وبكل ما كان وبكل ما يكون أو ما هو كائن. وبلغ الغلو في الشيعة أنهم رأوا أن quot;علم الإمام أكثر من علم النبي، بل وأكثر من علم كل الأنبياء مجتمعين. وإذا كان الرسول يتلقى العلم من السماء بواسطة الوحي الذي يأتيه به ملك يراه حيناً ولا يراه حيناً آخر، فإن الشيعة يعتقدون أن الأمر نفسه يحدث للإمام، ولكنه لا يرى الملك، وإنما يسمع صوته. وأن الوحي بالنسبة للإمام هو التفهيم والتحديث. والنبي والإمام كلاهما يتلقيان الوحي من مصدر واحد وهو السماء، بواسطة روح القدسquot; (محمد عمارة، مصدر سابق، ص216-218).
أما أن الشيعة يقولون أن علم الإمام أكثر من علم النبي فهو كلام من عند الدكتور عمارة الذي اعتمد عليه الدكتور النابلسي وكأنه لا ينطق عن الهوى ونحن نعتقد أن عليهما أن يثبتا هذه الفرية وإلا اعتبرنا أن كلام الناقل والمنقول عنه هو لغو لا قيمة له.
كما يدخل في هذا اللغو الادعاء بأن الإمام يتلقى الوحي وهو ادعاء لا يقوم على منطق ولا دليل.
أما الخلط بين (المحَدث) وهو من تحدثه الملائكة والنبي الذي يتلقى رسالة الله أو شرائعه فهو خلط ينم عن فقر معرفي حاد فالله تبارك وتعالى يحكي في محكم كتابه أن الملائكة حدثت مريم ابنة عمران كما حدثت أم موسى عليه السلام (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) آل عمران (42-43) (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) القصص (7).
كما أن الرواية التي ذكرها البخاري في فضائل عمر بن الخطاب تثبت هذا المبدأ بما لا يدع مجالا للتشكيك فيه: عن rlm;rlm;أبي هريرة rlm; rlm;قال: rlm;rlm;قال رسول الله rlm; rlm;صلى الله عليه وسلم rlm; rlm;لقد كان فيما قبلكم من الأمم rlm; rlm;محدثون rlm; rlm;فإن يك في أمتي أحد فإنه rlm; rlm;عمر. ثم rlm;rlm;زاد فيه عنrlm; rlm;أبي هريرة أيضاrlm; rlm;قال: rlm;rlm;قال النبي rlm; rlm;صلى الله عليه وسلم rlm;لقد كان فيمن كان قبلكم من rlm;rlm;بني إسرائيل rlm;رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن من أمتي منهم أحد rlm;rlm;فعمر rlm;rlm;قال: rlm;rlm;ابن عباس rlm; rlm;رضي الله عنهما rlm;(rlm;من نبي ولا محدث). rlm;
إذا فوجود محدثين ليسوا بأنبياء هو أمر لا نراه موضع خلاف بين المسلمين بل أن الأمر كان قراءة من بين قراءات القرآن التي أشار إليها البخاري عندما نقل تلك العبارة عن ابن عباس وبالتالي فالأمر ليس اختراعا شيعيا ومن باب أولى ليست غلوا كما يدعي الدكتور عمارة وهو ما توضحه تلك الرواية التي ذكرها الكليني في الكافي: عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله عز وجل quot;وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث)quot; قلت جعلت فداك ليست هذه قراءتنا فما الرسول والنبي والمحدث؟ قال: الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه والنبي هو الذي يرى في منامه وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد والمحدث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة، قال: قلت: أصلحك الله كيف يعلم أن الذي رأى في النوم حق، وأنه من الملك؟ قال: يوفق لذلك حتى يعرفه، لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء.
ولا شك أن هذه الرواية تحسم مادة الجدل السفسطائي عما إذا كان هناك وحي أو شرع جديد يمكن للإمام أن يأتي به حيث يقول الإمام بوضوح (لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء).

الإمامة في قريش؟!
تحدث الدكتور النابلسي عما ذكره بعض الفقهاء من شرط قرشية الإمام فقال: والأحاديث التي تروى عن الرسول الكريم، بشأن حصر الخلافة/ الإمامة/الحاكمية في قريش فقط، كانت تقول:
quot;الأئمة من قريشquot; . (رواه البخاري في باب quot;الأمراء من قريشquot;). وquot;إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبَّـه الله على وجهه ما أقاموا الدينquot; وquot;لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنانquot; و quot;قريش ولاة هذا الأمرquot;.
وهذه الأحاديث كلها وغيرها تُكرِّس الولاية وأمرها لقريش كما هو واضـح، وتحصرها في هذه القبيلة الصغيرة لا لعلمها ورفعـة شأنها وغناها وتاريخها السياسي الطويل وذراعها الحربي المشهود له على مرِّ التاريخ بالذود عن الحياض وعن كرامة العرب، ولكن فقط لأن الرسول قد خرج منها.
ولا أدري ما علاقة الشيعة بتلك الروايات التي انتقاها البخاري ثم تحولت بعد ذلك لتصبح أساسا للفقه السياسي لأهل السنة بينما يؤمن الشيعة بما قاله الإمام علي من (أِنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيش غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِم لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ) وشتان ما بين الأمرين.
فالإمامة عند الشيعة هي لأهل البيت دون غيرهم وهي محددة باثني عشر إماما معروفين بالاسم ولا مجال عندهم لتلك العمومية القرشية التي ابتكرها وضاع الأحاديث بهدف إسباغ الشرعية على تلك النظم الحاكمة المتغلبة لا لشيء سوى انتماء ذلك الخليفة المتسلط لبطن من بطون قريش.
ولو كانت القرشية مؤهلا كافيا لإمامة المسلمين لما روى البخاري عن نفس الرواة أن أئمة الضلال من قريش: rlm;قال كنت جالسا مع rlm; rlm;أبي هريرة rlm;rlm;في rlm;rlm;مسجد النبي rlm;صلى الله عليه وسلم rlm;بالمدينة rlm;rlm;ومعنا rlm; rlm;مروان rlm;rlm;قال rlm;rlm;أبو هريرة rlm;rlm;سمعت الصادق المصدوق يقول rlm;rlm;هلكة أمتي على يدي غلمة من rlm;قريش rlm;rlm;فقال rlm;مروان rlm;لعنة الله عليهم غلمة فقال rlm;أبو هريرة rlm;لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت فكنت أخرج مع جدي إلى rlm;بني مروان rlm;حين ملكوا rlm;rlm;بالشام rlm; rlm;فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا عسى هؤلاء أن يكونوا منهم قلنا أنت أعلم.

أصالة التشيع:
تلك هي القضية التي يحاور ويداور حولها خصوم المذهب فما يؤمن به الشيعة من عقائد وأفكار هي أفكار أصيلة أصالة الإسلام نفسه والخلاف بينهم وبين غيرهم هو في تنزيلها على أرض الواقع فبينما يؤمن الشيعة أن أئمة أهل البيت هم المحدثون وهم المؤتمنون على الشريعة والدين يرى البعض الآخر أن غيرهم محدثون وملهمون من دون أن يبدي أحد اعتراضا أو تحفظا ومن دون أن يدعي أحد أن مثل هذه الأفكار جاءت من أصول يهودية أو مزدكية أو فارسية ونرى كتابا يدعون العلم والمعرفة والاعتدال يشهقون ويتأوهون من التطرف الشيعي ويبسملون ويهللون ويكبرون إذا دار الكلام بعيدا عن أئمة أهل البيت.
لا أحد يعترض على ما أورده البخاري بينما ينتفض البعض غضبا إذا ورد نفس هذا الكلام في الكافي أو غيره!!.
أما الأسوأ فهو الآتي!!.

عصمة الأئمة والنووي الإيراني!!
كان من الممكن ألا نرد على تلك الشقشقات الليبرالية لولا تلك الكلمات النووية التي أدرجها وسط السطور (القنبلة النووية الشيعية هدفها واحد فقط وهو سيطرة الإمبراطورية الفارسية الجديدة على آسيا والعالم الإسلامي والعربي سيطرة المستعمر العثماني منذ بداية القرن السادس عشر وحتى بداية القرن العشرين. ونشر الثقافة السياسية والدينية لهذه الإمبراطورية الفارسية الجديدة. فما هي الثقافة السياسية والدينية لهذه الإمبراطورية الفارسية الجديدة؟). !!!
وهكذا فقد جاء الرجل ليكمل ما بدأه غيره ممن حاولوا أن يجعلوا من التشيع مشروعا فارسيا يريد أن يقضي على عروبتهم التي أرادوا أن يجعلوها فوق الجميع فإذا بهم دون الجميع.
ولا أدري كيف اجتمعت الليبرالية مع القومية العربية في وعاء واحد يرفع شعار العلمانية ويدعي أنه دون غيره هو الأقدر على تحقيق المساواة بين البشر واتخاذ موقف حيادي إزاء الدين؟!.
لا عجب فهؤلاء هم العرب منذ فجر التاريخ!!.

[email protected]

rlm;